لانتفاء مدركه إذ لم يلزم منه مخالفة نص ولا إجماع، وعلى كلا التقديرين، فالقياس يكون ممتنعا إما لمنع حكم الأصل، وإما لعدم علة الأصل في الفرع.
قال بعض الأصوليين: وإنما سمي هذا النوع قياسا مركبا، لاختلاف الخصمين في علة الأصل، وليس بحق. وإلا كان كل قياس اختلف في علة أصله، وإن كان منصوصا أو متفقا عليه بين الأمة، مركبا، وليس كذلك.
والأشبه أنه إنما سمي بذلك لاختلاف الخصمين في تركيب الحكم على العلة في الأصل فإن المستدل يزعم أن العلة الجامعة مستنبطة من حكم الأصل، وهي فرع له.
والمعترض يزعم أن الحكم في الأصل فرع على العلة وهي المثبتة له، وأنه لا طريق إلى إثباته سواها، وأنها غير مستنبطة منه، ولا هي فرع عليه، ولذلك منع ثبوت الحكم عند إبطالها، وإنما سمي مركب الأصل لأنه نظير في علة حكم الأصل (1).
وأما مركب الوصف فهو ما وقع الاختلاف فيه في وصف المستدل، هل له وجود في الأصل أو لا؟
وذلك كما لو قال المستدل في مسألة تعليق الطلاق بالنكاح، تعليق، فلا يصح قبل النكاح، كما لو قال: زينب التي أتزوجها طالق، فللخصم أن يقول: لا نسلم وجود التعليق في الأصل، بل هو تنجيز، فإن ثبت أنه تعليق، فأنا أمنع الحكم وأقول بصحته، كما في الفرع، ولا يلزمني من المنع محذور، لعدم النص عليه وإجماع الأمة، وإنما سمي مركب الوصف، لأنه خلاف في تعيين الوصف الجامع.
وإذ أتينا على بيان معنى القياس المركب وأقسامه.
فنقول: لا يخلو إما أن ينظر في ذلك إلى الناظر المجتهد، أو المناظر: فإن كان الأول، فإن كان له مدرك في ثبوت حكم الأصل سوى النص والاجماع، فالقياس صحيح لأنه إذا غلب على ظنه صحة القياس فلا يكابر نفسه فيما أوجبه ظنه، وإن