الشافعي مثلا في السفرجل مطعوم، فجرى فيه الربا، قياسا على التفاح، ثم قاس التفاح في تحريم الربا على البر بواسطة الطعم أيضا.
وإن كان الثاني، وهو أن تكون العلة في القياسين مختلفة، فلا تخلو إما أن تكون العلة التي عدى بها الحكم من الأصل الممنوع حكمه إلى فرعه مؤثرة، أي ثابتة بنص أو إجماع أو مستنبطة: فإن كان الأول، فقد أمكن إثبات الحكم في الفرع الأول بالعلة المؤثرة، ولم يبق للقياس على الأصل الممنوع حكمه وقياسه على الأصل الأخير حاجة، بل هو تطويل غير مفيد. وإن كان الثاني، وذلك كما لو قال الشافعي في مسألة فسخ النكاح بالجذام عيب يثبت به الفسخ في البيع، فيثبت به الفسخ في النكاح، قياسا على الرتق والقرن، ثم قاس الرتق والقرن عند توجيه منعه على الجب والعنة بواسطة فوات غرض الاستمتاع به، فلا يصح القياس فيه، وذلك لان الحكم في الفرع المتنازع فيه أولا إنما يثبت بما يثبت به حكم أصله، فإذا كان حكم أصله ثابتا بعلة أخرى، وهي ما استنبطت من الأصل الآخر، فيمتنع تعدية الحكم بغيرها، لان غيرها لم يثبت اعتبار الشارع له ضرورة أن الحكم الثابت معه ثابت بغيره بالاتفاق، فلو ثبت الحكم به في الفرع الأول مع عدم اعتباره، كان ذلك إثباتا للحكم بالمعنى المرسل الخلي عن الاعتبار، وذلك ممتنع.
وعلى هذا، فإن قلنا بجواز تعليل الحكم الواحد بعلتين مع كونه ممتنعا، كما يأتي تقريره (1) فهو ممتنع ها هنا، حيث إنا قطعنا بأن العلة المستنبطة من الأصل الممنوع مما لم يلتفت إليها الشارع في إثبات الحكم في أصلها للاتفاق على ثبوته بغيرها. والجمع بين العلل إنما يكون حيث يمكن الظن باعتبار الشارع لها من إثبات الحكم على وفقها.
هذا كله إن كان حكم الأصل مقولا به من جهة المستدل، ممنوعا من جهة المعترض، وأما إن كان مقولا به من جهة المعترض، ممنوعا من جهة المستدل.
وذلك كما لو قال الحنفي في مسألة تعيين النية عندما إذا نوى النفل أتى بما أمر به، فوجب أن يصح، كما إذا كان عليه فريضة الحج، ونوى النفل، فإن الحكم.