والجواب: لا نسلم أن أمر المقدم يكون أمرا لاتباعه لغة، ولهذا فإنه يصح أن يقال: أمر المقدم، ولم يأمر الاتباع، وأنه لو حلف أنه لم يأمر الاتباع لم يحنث بالاجماع. ولو كان أمره للمقدم أمرا لاتباعه لحنث، نعم غايته أنه يفهم عند أمر المقدم بالركوب وشن الغار لزوم توقف مقصود الامر على اتباع أصحابه له، فكان ذلك من باب الاستلزام، لا من باب دلالة اللفظ مطابقة ولا ضمنا، ولا يلزم مثله في خطاب النبي صلى الله عليه وسلم، بشئ من العبادات، أو بتحريم شئ من الافعال، أو إباحتها، من حيث إنه لا يتوقف المقصود من ذلك على مشاركة الأمة له في ذلك.
وقوله تعالى: * (إذا طلقتم النساء) * (65) الطلاق: 1) فخطاب عام مع الكل على وجه يدخل فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وغيره من الأمة، وتخصيص النبي في أول الآية بالنداء جرى مجرى التشريف والتكريم له.
كيف وإن في الآية ما يدل على أن خطاب النبي لا يكون خطابا للأمة، فإنه لو كان كذلك، لما احتيج إلى قوله * (طلقتم النساء فطلقوهن) * (65) الطلاق: 1) لان قوله * (إذا طلقت النساء فطلقهن) * كاف في خطاب الأمة مع اتساقه مع أول الآية.
وقوله تعالى * (فلما قضى زيد منها وطرا) * (33) الأحزاب: 37) لا حجة فيه على المقصود.
وقوله: * (لكي لا يكون على المؤمنين حرج) * (33) الأحزاب: 37) ليس فيه ما يدل على أن نفي الحرج عن المؤمنين في أزواج أدعيائهم مدلول لقوله زوجناكها بل غايته أن رفع الحرج عن النبي صلى الله عليه وسلم، كان لمقصود رفع الحرج عن المؤمنين وذلك حاصل بقياسهم عليه بواسطة دفع الحاجة وحصول المصلحة، وعموم الخطاب غير متعين لذلك.