فيجب ردها، وإن لم ينتهوا إلى هذا الحد، فقد اتفق جماعة الفقهاء والمتكلمين على وجوب قبول الزيادة، خلافا لجماعة من المحدثين ولأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه.
ودليل ذلك أن الراوي عدل ثقة، وقد جزم بالرواية، وعدم نقل الغير لها فلاحتمال أن يكون من لم ينقل الزيادة قد دخل في أثناء المجلس وسمع بعض الحديث أو خرج في أثناء المجلس لطارئ أوجب له الخروج قبل سماع الزيادة. وبتقدير أن يكون حاضرا من أول المجلس إلى آخره، فلاحتمال أن يكون قد طرأ ما شغله عن سماع الزيادة وفهمها من سهو أو ألم أو جوع أو عطش مفرط أو فكرة في أمر مهم، أو اشتغال بحديث مع غيره والتفات إليه، أو أنه نسيها بعد ما سمعها. ومع تطرق هذه الاحتمالات، وجزم العدل بالرواية، لا يكون عدم نقل غيره للزيادة قادحا في روايته.
فإن قيل: هذه الاحتمالات وإن كانت منقدحة في حق من لم يرو الزيادة، فاحتمال الغلط والسهو على الناقل للزيادة أيضا منقدح. وذلك، بأن يتوهم أنه سمع تلك الزيادة، ولم يكن قد سمعها، أو أنه سمعها من غير الرسول، وتوهم سماعها من الرسول، أو أنه ذكرها على سبيل التفسير والتأويل، فظن السامع أنها زيادة في الحديث المروي، وذلك، كما روى ابن عباس عن النبي، صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الطعام قبل أن يستوفى. قال ابن عباس: ولا أحسب غير الطعام إلا كالطعام فأدرجه بعض الرواة في الحديث. وكذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فإذا زادت الإبل على مائة وعشرين استؤنفت الفريضة فظن الراوي أن الاستئناف إعادة للفرض الأول في المائة الأولى، فقال: في كل خمس شاة. وأدرج ذلك في كلام النبي، صلى الله عليه وسلم. ومع تعارض الاحتمالات، فليس العمل بالزيادة أولى من تركها، بل الترجيح بجانب الترك لوجهين: