نص ولا إجماع، ورغبوا عن فعله عليه السلام في الصب على بول الصبي، واختاروا الصوم في رمضان في السفر، ورغبوا عن فعله عليه السلام في الفطر، ورغبوا عن فعله عليه السلام في التقبيل وهو صائم، والمباشرة وهو صائم، وقد غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على من رغب عن ذلك أو تنزه عنه، وخطب الناس ناهيا عن ذلك، ورغبوا عن فعله عليه السلام في قراءته: * (والطور) * في المغرب، وتركوا فعله عليه السلام في تطيبه في حجة الوداع، وأخذوا بأمر له متقدم، لو كان على ما ظنوه كان منسوخا بآخر فعله عليه السلام، وتركوا فعله عليه السلام حكمه بالسلب للقاتل، وتركوا فعله عليه السلام في سجوده في سورة * (والنجم) * وفي: * (إذا السماء انشقت) * وتركوا فعل جميع الصحابة في هذين الموضعين، وكل من أسلم من الجن والإنس.
قال أبو محمد: فأما ما كان من أفعاله عليه السلام تنفيذا لأمر فهو واجب، فمن ذلك قوله عليه السلام: صلوا كما رأيتموني أصلي، وخذوا عني مناسككم وهمه بإحراق منازل المتخلفين عن الصلاة في الجماعة، وجلده شارب الخمر، لأنه عليه السلام لما أخبر أن الأموال والاعراض حرام ثم أن ينتهك شر منها، أو بأنه يريد انتهاكها، علمنا أن ذلك حق، وأما بعد الامر فواجب لا إباحة لأنه عليه السلام لا يهم إلا بأمر حق، وقد أمر بجلد الشارب ثم كان فعله بيانا للجلد الذي أمر به.
وكذلك ما كان من أفعاله عليه السلام نهيا عن شئ أو أمرا بشئ فهو على الوجوب، كإزالته صلى الله عليه وسلم ابن عباس عن يساره، ورده إلى يمينه، فهذا وإن كان فعلا فهو أمر لابن عباس للوقوف عن يمينه، ونهي له عن الوقوف عن يساره، وإنما الفعل المجرد هو الذي ليس فيه معنى الامر.
فإن قال قائل: فهلا قلتم إن همه عليه السلام بإحراق بيوت المتخلفين عن الصلاة، إباحة لا فرض، على أصلكم في انتقال الشئ إذا نسخ إلى أقرب المراتب منه لا إلى أبعدها عنه، قيل له وبالله تعالى التوفيق: كذلك نقول ما لم يأت دليل على أنه منقول إلى أبعد المراتب عنه، ولكن لما قال عليه السلام: أمرت أن أقاتل