إلى الفجر، وقد أوردنا في كتاب النكاح من ديواننا الكبير المسمى بالايصال - بأصح أسانيد - أن نكاح المتعة أباحه الله تعالى، ثم نسخه، ثم أباحه ثم نسخه، ثم أباحه ثم نسخه إلى يوم القيامة.
فصل في مناقل النسخ قال أبو محمد: مراتب الأوامر في الشريعة كلها خمسة لا سادس لها، وهي:
حرام: وهو الطرف الواحد، وفرض: وهو الطرف الثاني، وبين هذين الطرفين ثلاث مراتب، فيلي الحرام مرتبة الكراهة، وهي الأشياء التي تركها خير من فعلها إلا أن من تركها أجر، ومن فعلها لم يأثم وذلك نحو الاكل متكئا، والتمسح من الغسل في ثوب معد لذلك، وما أشبه ذلك.
ويلي مرتبة الفرض مرتبة الندب، وهي الأشياء التي فعلها خير من تركها، إلا أن من فعلها أجر، ومن تركها غير راغب عنها لم يأثم وفي هذا الباب يدخل التطوع كله بأفعال الخير وبين هاتين المرتبتين مرتبة المباح المطلق، وهو ما تركه وفعله سواء، إن فعله لم يؤجر ولم يأثم، وإن تركه لم يؤجر ولم يأثم، كجلوس الانسان مربعا أو مرفوع الركبة الواحدة، وصباغة ثوبه أخضر أو أسود، وحسه الشئ بيده وما أشبه ذلك، فإذا نسخ الفرض نظر، فإن كان بلفظ لا تفعل بعد أن أمرنا بفعله فهو منتقل إلى التحريم، لان هذه صيغة للتحريم.
وإن نسخ بأن قال: * (لا جناح عليكم) * أو بلفظ تخفيف، أو بترك أو بفعل، لم ينتقل إلا إلى أقرب المراتب وهو الندب، وذلك مثل صيام عاشوراء، فإنه لما نسخ وجوبه انتقل إلى الندب، وكذلك إن نسخ التحريم فإن كان نسخه بلفظ * (افعل) * انتقل إلى الفرض، لان هذه صيغة الفرض وإن نسخ * (بلا جناح) * أو بتخفيف، انتقل إلى أقرب المراتب إليه وهي الكراهة ، أو الندب بلفظ * (افعل) * انتقلا إلى الفرض. فإن نسخا بلفظ * (لا تفعل) * انتقلا إلى التحريم، فإن نسخا بتخفيف، انتقلا إلى الإباحة المطلقة، لان الإباحة أقرب إليهما من الفرض والتحريم، لان المكروه والمندوب إليه مباحان ، ولكنهما معلقان بشرط كما ترى، وقد نسخ تحريم وطئ النساء بعد النوم في ليالي