الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله، ثم أخبر عليه السلام أنه قد هم بحرق بيوت المتخلفين علمنا بالنص المذكور أن ذلك حق واجب إنفاذه، إذ قد نص أنه لا يستبيح دما ولا مالا إلا بحق، والحق فرض ما لم يأت دليل على أنه إباحة.
قال أبو محمد: قد قلنا: إن القائلين بأن أفعاله عليه السلام على الوجوب هم أشد الناس خلافا لهذا الأصل الفاسد، فإن المالكيين يقولون إن خطبة الامام يوم الجمعة خطبتين قائما يجلس بينهما ليست فرضا، وإنما الفرض خطبة واحدة، وما روي قط أن النبي صلى الله عليه وسلم خط ب إلا خطبتين قائما يجلس بينهما، فلم يروا فعله عليه السلام ههنا على الوجوب.
ويقولون: إن ترتيب الوضوء ليس فرضا، ولا شك في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرتب وضوءه ولا ينكسه، لا يشك مسلم في ذلك.
ويرون أن الصلاة للصبح بمزدلفة ليس فرضا، ولا يبطل حج من تركه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم صلاها هناك، وآذن أن من لم يدركها هنالك فلا حج له، ويرون أن من صلى المغرب قبل مزدلفة ليلة النحر فصلاته تامة ورسول الله صلى الله عليه وسلم أخرها إلى المزدلفة فلم يصلها إلا فيها، ولا يرون رمي جمرة العقبة فرضا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد رماها، ولا يرون الضجعة بعد ركعتي الفجر قبل صلاة الصبح فرضا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعلها دائما عليها مواظبا لها، وكذلك فقهاء المدينة السبعة، وأهل المدينة، وكل هذه المسائل فجماهير الصحابة والتابعين والفقهاء يرونها فرضا وإنما أتينا بهذه المسائل لئلا يدعو إجماعا على أنها ليست فرضا، ومثل هذا لو تتبع كثير، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: فإن تعارض فعل وقول، مثل أن يحرم عليه السلام شيئا ثم يفعله، فإن هذا إن علمنا أن الفعل كان بعد القول فهو نسخ له، وبيان أن حكم