التابعين أن يرجعوا عما أجمعوا عليه قالها أنس. انسد عليهم هذا الباب وألقيت المعلقة فحرم عليهم الرجوع ما كان مباحا لهم قبيل ذلك وكفى بهذا جنونا.
وليت شعري متى يمكن التطوف عليهم في آفاقهم، بل ألا يزايلهم إلى أن يموتوا ومتى جمعوا له في صعيد واحد، ما في الرعونة أكثر من هذا، ولا في الهزل والتدين بالباطل ما يفوق هذا ونعوذ بالله العظيم من الضلال.
فصل وأما من قال: إذا اختلف أهل عصر ما، في مسألة ما فقد ثبت الاختلاف ولا ينعقد في تلك المسألة إجماع أبدا فإنه كلام فاسد لان الاختلاف لا حكم له إلا الانكار له والمنع منه وإيجاب القول على كل أحد بما أمر الله تعالى به في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فقط ولا مزيد فالاختلاف لا يحل أن يثبت، ولا يسع أحدا خلاف الحق أصلا لكن من خالفه جاهلا متأولا فهو مخطئ معذور مأجور أجرا واحدا كما ذكرنا آنفا. وفرض على كل من بلغه الحق أن يرجع إليه فإن عانده بقلبه أو بلسانه عالما بالحق فهو كافر وإن عانده بفعله عالما ففاسق، كما قدمنا وبالله تعالى التوفيق.
فصل في اختلاف أهل عصر ما ثم إجماع أهل عصر ثان على أحد لأقوال التي اختلف عليه أهل الماضي، فليس لأحد خلاف ما أجمع عليه أهل العصر الثاني، فقد قلنا في تعذر علم هذا بما قلنا آنفا، وسنزيد في ذلك بيانا لا يحيل إن شاء الله تعالى عن ذي لب، وقد قلنا: إنه لا معنى لمراعاة ما أجمع عليه مما اختلف فيه، إنما هو حق أو خطأ، والحق في الدين ليس إلا في كلام الله تعالى أو بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت عنه بنقل الثقات مسندا فقط. وهذا لا يسع أحدا خلافه ولا يقويه ولا يزيده رتبة في أنه حق أن يجمع عليه ولا يوهنه أن يختلف فيه والخطأ هو خلاف النص، ولا يحل لاحد أن يخطئ لأنه يعذر