قول تابع، أو قول صاحب فأخذ به كله، فهذا الاجماع المقطوع به المتيقن في ثلاثة أعصار متصلة، ثم هي الاعصار المحمودة، قد خالفها المقلدون الآخذون بأقوال أبي حنيفة فقط، أو بأقوال مالك فقط، أو بأقوال الشافعي فقط، وهو عمل محدث، مخالف للاجماع الصحيح، فلهذا أعجبوا فهو مكان العجب حقا أن يخالفوا الاجماع المتيقن جهارا، ثم يدعون الاجماع حيث لا إجماع، ونعوذ بالله العظيم من الضلال.
فصل في من قال بأن خلاف الواحد من الصحابة أو ممن بعدهم لا يعد خلافا وأن قول من سواه فيمن خالفهم فيه إجماع قال أبو محمد: ذهب محمد بن جرير الطبري إلى أن خلاف الواحد لا يعد خلافا، وحكى أبو بكر أحمد بن علي الرازي الحنفي: أن أبا حازم عبد العزيز بن عبد الحميد القاضي الحنفي فسخ الحكم بتوريث بيت المال ما فضل عن ذوي السهام وقال: إن زيد بن ثابت لا يعد خلافا على أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم.
قال أبو محمد: فيقال لهم: ما معنى قولكم لا يعد خلافا؟ أتنفون وجو خلاف؟ فهذا كذب تدفعه المشاهدة والعيان، أم تقولون: إن الله تعالى أمركم أتسموه خلافا؟ أو رسوله صلى الله عليه وسلم أمركم بذلك؟ فهذه شر من الأولى، لأنه كذب على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم أم تقولون: إن قليل ذلك الخلاف من الضعة والسقوط في المسلمين - إما لفسقه وإما لجهله - بحيث لا يكون وجود قوله إلا كعدمه ففي هذا ما فيه، إذ ينزلون زيد بن ثابت أو ابن عباس أو غيرهما من التابعين الأئمة في هذه المنزلة. ولعمري إن من أنزل عالما - من الصحابة رضي الله عنهم أو من التابعين أو من أئمة المسلمين - هذه المنزلة لاحق بهذه الصفة وأولى بها، ولا يخرج قولكم من إحدى هذه الثلاث قبائح، إذ لا رابع لها.
فإن قالوا: إنما قلنا: إنه خطأ وشذوذ قلنا: قد قدمنا أن كل من خالف أحدا