فبينا عليهم القول في الدين بلا برهان، وهذا حرام ومعيب بالقرآن والسنة، ولم ندع إجماعا ولم نصححه، إنما ادعينا على الخصم ما ينكره من إجماعه معنا، بمعنى موافقته لنا فقط، فلاح الفرق بين الدعوى المكذوبة، وأما الذي أنكرناه على اليهود فإنه ضد المسألة التي تكلمنا فيها آنفا وهو امتناع اليهود من الاقرار بما ظهر البرهان بصحته وأقوى من برهانهم على ما ادعوا أننا أجمعنا معهم عليه، وأنكرنا على المذكورين آنفا أن قالوا قولا بلا برهان، وخروجهم عما قد صح البرهان بصحته، وأنكرنا على اليهود تركهم القول بما قد صح برهانه، وتماديهم على ما قد صح البرهان ببطلانه وسلكنا بين الطائفتين طريق الحق وشارع النجاة، والحمد لله رب العالمين، وهو الثبات مع البرهان إذا ثبت، والانتقال معه إذا نقل فقط، وبالله تعالى التوفيق.
فصل وتكلموا أيضا في معنى نسبوه إلى الاجماع وهو: أن ذكروا أن يختلف الناس على قولين فأكثر في مسألة، فيشهد النص من القرآن والسنة بصحة قول من تلك الأقوال، فيبطل سائرها، ثم تقع فروع من تلك المسألة، فقالوا:
يجب أن يكون المقول به، هو ما قاله من شهد النص لصحة قوله في أصل تلك المسألة، ونظروا ذلك بالحكم العاقلة. قال بها قوم ولم يعرفها قوم، منهم عثمان البتي فصح النص بقول من صححها، فلما صرنا إلى من هم العاقلة، وجب أن ينظروا إلى من أجمع القائلون بالعاقلة على أنه من العاقلة، فيكون من العاقلة ومن اختلفوا فيه أهو من العاقلة أم لا ألا يكون من العاقلة؟
قال أبو محمد: وقولنا ههنا هو قولنا فيما سلف من أنه إذا أمكن أن يعرف الاجماع في ذلك لكان حجة، لكن لا سبيل إلى إحصائهم ولا إلى حصر أقوالهم لما قدمنا قبل، ونحن في سعة والحمد لله عن التعلق بهذه الثنايا الأشبه والتورط في هذه المضايق القشبة بما قد بينه لنا ربنا عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم من النص