وكما يقول المالكيون: إن خفي عليه ذبح آل أبي بكر الفرس وأكلهم إياه بالمدينة، وهذا أشيع من نوم قوم فركن المسجد، لقلة الخيل عندهم بالمدينة في أيامه صلى الله عليه وسلم ولشدة العيش عندهم، وقلة الادام، وشدة امتزاج أهل بيت أبي بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم ومجاورتهم له، فكيف يخفى عليه أنهم ذبحوا فرسا فأكلوه، ولا يخفى عليه نوم قوم في ركن المسجد وهو غائب عنهم، ولو صح أنه عليه السلام كان حاضرا في المسجد لأمكن أن يختفي نوم من في ركن المسجد عنه، فكيف وقد صح أنه عليه السلام كان غائبا عنهم، مع أن تخصيص نومهم بأنهم كانوا قعودا لا مستندين ولا مضطجعين ولا متكئين كذب من أقدم عليه، وبالله التوفيق.
قال أبو محمد: وفي باب القول بالاخبار من كتابنا في أول الباب المذكور أشياء قاطعة من الكلام في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وفي الشئ يعلمه فيقر عليه، إذا استضافت إلى ما ههنا تم الكلام في ذلك، وكرهنا تكرارها، وبالله تعالى التوفيق.
الباب العشرون الكلام في النسخ وهو الموفى عشرين قال أبو محمد علي بن أحمد: حد النسخ أنه بيان انتهاء زمان الامر الأول فيما لا يتكرر، وأما ما علق بوقت ما، فإذا خرج ذلك الوقت، أو أدى ذلك الفعل سقط الامر به، فليس هذا نسخا، فلكان هذا نسخا، لكانت الصلاة المنسوخة إذا خرج وقتها، والصيام منسوخا، بالاحرام والحيض والصيام والحج منسوخا، وهذا ما لا يقوله أحد بالاجماع المقطوع به على ألا يسمى نسخا، يكفي من الإطالة فيه وبالله تعالى التوفيق، مع من سمى هذا نسخا، فعليه البرهان على وجوب تسميته نسخا ولا سبيل إلى وجوبه فهو باطل قال تعالى: * (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) *.
قال أبو محمد: وقد قال بعض من تقدم: إن النسخ هو تأخير البيان نفسه.
قال أبو محمد: والنسخ على ما فسرناه قبل، نوع من أنواع تأخير البيان، لان تأخير البيان ينقسم قسمين: أحدهما: جماعة غير مفهومة المراد بذاتها، مثل قوله تعالى: * (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) * إذا جاء وقت تكليف ذلك، بين لنا الحكم المراد منا في ذلك اللفظ المجمل بلفظ آخر مفسر. والقسم الثاني: عمل مأمور به