بتأوله وجهله كما قدمنا أو يكفر بعناده أو بقلبه أو بلسانه أو يفسق بمخالفته بعمله فقط وبالله تعالى ولا سبيل إلى إجماع أهل عصر ما، على خلاف نص ثابت، لان خلاف التوفيق النص باطل، ولا يجوز إجماع الأمة على باطل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي على الحق، فصح أن هذا القول - الذي صدرنا في الباب - فاسد.
فصل وأما قول من قال: إن افترق أهل العصر على أقوال كثيرة جدا أو أكثر من واحد، فإن ما لم يقولوه قد صح الاجماع منهم على تركه، فقد قلنا في تعذر معرفة ذلك وحصره، ونقول أيضا إن شاء الله تعالى وقد قلنا، إنه لا يمكن مع ذلك أن يجمع أهل عصر طرفة عين، فما فوقها خطأ على خطأ لاخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأنه: لا تزال طائفة من أمتي على الحق فهذه الأقوال كلها متخاذلة غير موضوعة وضعا صحيحا خارجة عن الامكان إلى الامتناع وما كان هكذا فلا وجه للاشتغال به.
قال أبو محمد: فموهوا ههنا بأن قالوا: قد صح الاجماع من الصحابة رضي الله عنهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنع من بيع أمهات الأولاد، وكان بيعهم على عهده صلى الله عليه وسلم حلالا وقد صح إجماعهم على جلد شارب الخمر ثمانين جلدة، ولم يكن ذلك على عهده صلى الله عليه وسلم وقد صح إجماعهم على إسقاط ستة أحرف من جملة الأحرف السبعة التي كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلنا: كذبتم وأفكتم، أما جلد شارب الخمر ثمانين فيعيذ الله تعالى عمر من أن يشرع حدا لم يأت به وحي من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ونحن نسألكم: ما الفرق بين ما تدعونه بالباطل من إحداث حد لم يشرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر؟ وبين إثبات حد في اللياطة بقطع الذكر أو في الزنى بجلد مائتين أو بقطع يد الغاصب؟ أو بقلع أضراس آكل الخنزير؟
وما الفرق بين هذا كله وبين إسقاط صلاة وزيادة أخرى، وإبطال صوم رمضان وإحداث شهر آخر، ومن أجاز هنا فقد خرج عن الاسلام، وكفر كفرا صراحا، ولحق بالباطنية وغلاة الروافض واليهود والنصارى الذين بدلوا دينهم، وإنما