وحلوان الكاهن، وهذا ما لا يقوله مسلم، وقد قال الطحاوي: إن النهي عن ثمن الكلب منسوخ بنسخ إيجاب قتل الكلاب.
قال أبو محمد: ولا أدري في أي عقل أم في أي نص وجد هذا الرجل أنه إذا حرم قتل حيوان حل بيعه أتراه جهل أن يبيعه وبيع كل حر حرام وقتله حرام، ما لم يقترف ما حل دمه؟ إن هذه لغباوة شديدة وعصبية لمذهبه الفاسد قبيحة.
ونعوذ بالله من التقليد المؤدي إلى القول على الله تعالى بمثل هذا بغير علم ولا هدي ولا كتاب منير، وليت شعري ما الفرق بينه وبين من عارضه فقال:
بل لما حرم الله أكلها حرم بيعها؟
فصل في كيف يعلم المنسوخ والناسخ مما ليس منسوخا قال أبو محمد: لا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول في شئ من القرآن والسنة: هذا منسوخ إلا بيقين، لان الله عز وجل يقول: * (وما أرسلنا من رسول ألا ليطاع بإذن الله) * وقال تعالى: * (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم) * فكل ما أنزل الله تعالى في القرآن أو على لسان نبيه ففرض اتباعه، فمن قال في شئ من ذلك إنه منسوخ. فقد أوجب ألا يطاع ذلك الامر، وأسقط لزوم اتباعه، وهذه معصية لله تعالى مجردة، وخلاف مكشوف، إلا أن يقوم برهان على صحة قوله، وإلا فهو مفتر مبطل. ومن استجاز خلاف ما قلنا فقوله يؤول إلى إبطال الشريعة كلها، لأنه لا فرق بين دعواه النسخ في آية ما أو حديث ما، وبين دعوى غيره النسخ في آية أخرى، وحديث آخر، فعلى هذا لا يصح شئ من القرآن والسنة، وهذا خروج عن الاسلام، وكل ما ثبت بيقين فلا يبطل بالظنون، ولا يجوز أن تسقط طاعة أمر أمرنا به الله تعالى ورسوله إلا بيقين نسخ لا شك فيه، فإذا قد صح ذلك وثبت، فلنقل في الوجوه التي بها يصح نسخ الآية أو الحديث، فإذا عدم شئ من تلك الوجوه، فقد بطلت دعوى من ادعى النسخ في شئ من الآيات أو الأحاديث.
قال أبو محمد: فإذا اجتمعت علماء الأمة - كلهم بلا خلاف من واحد منهم - على نسخ آية أو حديث فقد صح النسخ حينئذ، فإن اختلفوا نظرنا، فإن وجدنا الامرين لا يمكن استعمالهما معا، أو وجدنا أحدهما كان بعد الآخر بلا شك، أو