القائلون به أو قلوا، وهذا باب ينبغي أن يتقى فقد عظم الضلال به، وكثر الهالكون فيه، ونعوذ بالله العظيم من البلاء.
قال أبو محمد: وكلامنا هذا كله تطوع منا، وإلا فلو اكتفينا من كل ذلك بما نذكره الآن إن شاء الله تعالى، وهو أن نقول لهم: إن كل من ادعى في أي قولة كانت لا نحاشي قولة من الأقوال - أن العلماء كلهم أجمعوا عليها إلا واحدا خالفهم فقط أو إلا اثنين، أو إلا ثلاثة، أو أي عدد ذكروا، فإنه كذاب مفتر آفك قليل الحياء، لأنه لا سبيل بوجه من الوجوه إلى معرفة ذلك يقينا ولا إلى القطع به أصلا، لما قدمنا من تعذر إحصاء عدد المفتين من المسلمين، فوضح أن هذه مسألة فارغة، ولا حجة للاشتغال بها، أو كثرة من ضل بها.
فصل في قول من قال: قول الأكثر هو الاجماع ولا يعتد بقول الأقل قال أبو محمد: في الباب الذي قبل هذا نقض هذه المقالة، وفيه ذكرنا كل ما يمكن أن يشغبوا به، فأغنى عن إعادته، إلا أن هنا سؤالا رائدا، وهو أن نقول لهم: قلتم المحال وأتيتم في دينكم الباطل، والذي لا يمكن وجوده، وذلك إلى أنه لا سبيل إلى توفية حكمهم هذا حقه، إلا إحصاء عد جميع من تكلم في تلك المسألة من صاحب وتابع فمن بعدهم، ثم يعرف الأثر ولو بواحد، وهذا مع أنه محال فهو حمق، وقول بلا برهان. وأيضا فما الفرق بينكم وبين من قال قول الطائفة التي هي أفضل وأشهر في العلم أولى، وإن كانوا أقل عددا، فحصل التعارض وبطل القولان لأنهم بلا دليل، وبالله تعالى التوفيق.
فصل في إبطال قول من قال: الاجماع هو إجماع أهل المدينة قال أبو محمد: هذا قول لهج به المالكيون قديما وحديثا، وهو في غاية الفساد، واحتجوا في ذلك بأخبار منها صحاح، ادعوا فيها أنها تدل على أن المدينة أفضل البلاد، ومنها مكذوب موضوع في رواية محمد بن الحسن بن زبالة وغيره، ليس