قال علي: وهذا لا معنى له، لان ألف سنة ليس مطابقا لتسعمائة، فإن قال:
هو مطابق لتسعمائة وخمسين، قيل له: ومجئ الأخ الواحد مطابق لعدم مجئ جميعهم حاشاه ولا فرق، فإن قال قائل: فإذا لا تجوزون استثناء الجملة كلها، فكيف قلتم، إن من قال: لفلان عندي مائة دينار إلا عبدا قيمته مائة دينار، أو قال:
لفلان عندي مائة دينار إلا مائة دينار. إن هذا الاقرار لا يحكم عليه بشئ منه ولا يقضى لذلك لفلان عليه بشئ، قيل له وبالله تعالى التوفيق: وهذا موافق لأصلنا، لأنه لما كان استثناء جميع الجملة محالا، وكان الناطق بذلك ناطقا بمحال لا يجوز، فكان كلامه ذلك باطلا، وإقراره فاسدا، والاقرار لا يجوز إلا صحيحا مجردا من كما يبطله، فلذلك لم نحكم عليه بهذا الاقرار، لأنه متناقض، وقد وافقنا خصومنا في ذلك على أن رجلا لو قال بحضرة عدول: إني زنيت الساعة أمامكم بامرأة كانت معنا، وقتلت الساعة بحضرتكم رجلا مسلما حرام الدم بلا سبب، وكذلك لو قال: رفعت رجلا مسلما إلى السحاب ثم أرسلته فسقط في البحر فمات، أو قال: أخذت عصا موسى عليه السلام وطعنت بها رجلا فقتلته فإنه لا يؤخذ بشئ من ذلك، ولا يحكم عليه إلا بالهوس والجنون، ولا فرق بين ما ذكرنا وبين ما حكمنا نحن به من إسقاط كل إقرار فاسد متناقض يسقط آخره أوله ويبطله، ولا فرق بين إسقاط بعض الجملة المقر بها الاستثناء، وبين إسقاط جميعها بالتناقض أو بذكر البراء منها، وبالله تعالى التوفيق.
فصل من الاستثناء قال علي: وإذا وردت أشياء معطوفات بعضها على بعض، ثم جاء الاستثناء في آخرها فإن لم يكن في الكلام نص بيان على أن ذلك الاستثناء مردود على بعضها دون بعض، فواجب محله على أنه مردود على جميعها، والبرهان على ذلك: أنه ليس بعضها أولى بها من بعض، فإن قال قائل: فهلا قلتم: إنه مردود عن أقربها منه، لان الألفاظ التي تقدمت قد حصلت على عمومها، فواجب ألا ينتقل عنه إلا بنص أو إجماع، فالجواب وبالله تعالى التوفيق: إن كل ألفاظ جمعت في حكم