للآية بلا دليل. وقد أبطلنا تخصيص الظواهر بلا دليل فيما خلا من كتابنا هذا لأننا الآن قد علمنا ما لكل آية في القرآن وغيرها ما قد نسخ منها وما لم ينسخ بعد أبدا.
وقال قوم أيضا: إن معنى: * (وما يعلم تأويله إلا الله) * أي وما يعلم علة نزول الآيات إلا الله.
قال أبو محمد: وهذا أيضا فاسد كالذي قبله، لأنه دعوى بلا برهان وتقويل لله ما لم يقل، وإخبار عنه تعالى بما لم يخبر به عن نفسه، ولأنه لو كان كما ذكروا لكان لنزول الآيات علل لا يعلمها إلا الله عز وجل، وقد أبطلنا قول من قال:
إن الله تعالى يفعل لعلة في باب إبطال العلل من كتابنا هذا، وبالله تعالى التوفيق.
الباب الثاني والعشرون في الاجماع، وعن أشئ يكون الاجماع وكيف ينقل الاجماع قال أبو محمد: اتفقنا نحن وجميع أهل الاسلام - جنهم وإنسهم - في كل زمان إجماعا صحيحا متيقنا، على أن القرآن الذي أنزله الله على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل ما قاله محمد صلى الله عليه وسلم فإنه حق لازم لكل أحد، وإنه دين الاسلام. ثم اختلفوا في الطريق المؤدية إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، فاعلموا رحمكم الله أن من اتبع نص القرآن، وما أسند من طريق الثقات إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد اتبع الاجماع يقينا، وأن من عاج عن شئ من ذلك فلم يتبع الاجماع.
وكذلك إجماع أهل الاسلام كلهم جنهم وإنسهم، في كل زمان وكل مكان، على أن السنة واجب اتباعها، وأنها ما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك اتفقوا على وجوب لزوم الجماعة، فاعلموا رحمكم الله أن ما اتبع ما صح برواية الثقات مسندا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد اتبع السنة يقينا، ولزوم الجماعة وهم الصحابة رضي الله عنهم، والتابعون لهم بإحسان، ومن أتى بعدهم من الأئمة وأن من اتبع أحدا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يتبع السنة، ولا الجماعة وأنه كاذب في ادعائه السنة والجماعة فنحن - معشر المتبعين للحديث المعتمدين عليه - أهل السنة والجماعة حقا بالبرهان الضروري، وأننا أهل الاجماع كذلك، والحمد لله رب العالمين.
ثم اتفقنا نحن وأكثر المخالفين لنا على أن الاجماع من علماء أهل الاسلام حجة