كثوب العداب الفرد يضربه الندى * تعلى الندى في متنه وتحدرا فيكون ذلك قاطعا لخصمه، يستشهد أن الجواري يسمين القوارير وأن الفرس الجواد يسمى بحرا، وأن الخشية قد يسمى بها الوقوع تحت التدبير:
بأن خالق اللغات والمتكلمين أوقع هذا الاسم على هذا المعنى، وبأن أفصح العرب سمى النساء قوارير، والفرس بحرا.
ولعمري لو أنه عليه السلام يقول ذلك قبل بلوغه أربعين عاما، وقبل أن ينبأ لكان قوله أعظم حجة لفصاحته وعلمه بلغة قومه، وأنه من وسيطة قريش ومسترضع في بني سعد بن أبي بكر بن هوازن فجمع فصاحة الحيين: خندف وقيس أهل تهامة والحجارة العالية، الذين إليهم انتهت الفصاحة في اللغة العربية الإسماعيلية والذي لا شك فيه، فهو أنه عليه السلام أفصح من امرئ القيس، ومن الشماخ، ومن حسن البصري، وأعلم بلغة قومه من الأصمعي وأبي عبيدة، وأبي عبيد.
فما في الضلال أبعد من أن يحتج في اللغة بألفاظ هؤلاء، ولا يحتج بلفظة فيها عليه السلام فكيف وقد أضاف ربه تعالى فيه إلى ذلك العصمة، ومن الخطأ فيها القول والتأييد الإلهي، والنبوة والصدق المقطوع على غيبه الذي صحبه خرق العادات والآيات والمعجزات، وفي أقل من هذا كفاية لمن كانت فيه حشاشة، فكيف أن يظن به عليه السلام أن يخبر عن ربه تعالى خبرا يكلفنا فهمه، وهو بخلاف ما يفهم ويعقل ويشاهد ويحس ما ينسب هذا إليه صلى الله عليه وسلم إلا ملحد في الدين كائد له.
وأعجب العجب أن هؤلاء القوم يأتون إلى الألفاظ اللغوية فينقلونها عن