فاستثنى الفخر من المعائب، وقال أيضا:
وقفت فيها أصيلانا أسائلها * عيت جوابا وما بالربع من أحد إلا الأواري لايا ما أبينها * والنؤى كالحوض بالمظلومة الجلد فاستثنى الأثافي والنؤى من الا حدين، وقال آخر:
وبلدة ليس بها أنيس * إلا اليعافير وإلا العيس وقال تعالى: * (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا ئ إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا) * فاستثنى عز وجل رحمته من الوكيل عليه الذي لا سبيل إليه، فأي شئ قاله من أبى استثناء الشئ من غير جنسه في هذه الآيات وفي هذه الآي، فهو قولنا، وهو أنه استثناء منقطع، وعطف خبر على خبر، بمعنى لكن، أو حتى، وقد صح بلا ضرورة أن يخبر بخبر إيجاب عن واحد، وبخبر نفي عن آخر، ولا فرق بين أن يرد أحد الخبرين على الآخر بحرف العطف، وبين أن يرد بحر ف الاستثناء، وقد جاء كل ذلك كما ذكرنا وبالله تعالى التوفيق.
فصل من الاستثناء قال علي: واختلفوا في نوع من أنواع الاستثناء، وهو أن يستثنى من الجملة أكثرها، ويبقى الأقل، فأجازه قوم وهو قول جميع أصحابنا أهل الظاهر، وبه نأخذ، وبه قال جمهور الشافعيين، وأباه قوم وهو قول جمهور المالكيين، ولا نعلم لهؤلاء القوم حجة أصلا في المنع من ذلك إلا أن يقول بعضهم: إنكم قد وافقتمونا على جواز استثناء، ولا نوافقكم على جواز استثناء الأكثر.
قال علي: وهذه حجة إنما تصح فيما لا نص فيه، أو فيما لم يقم عليه برهان، وأما كل ما قام فيه برهان عقلي أو شرعي فلا نبالي من وافقنا فيه، ولا من خالفنا، وقد قامت البراهين على جواز استثناء الأكثر من جملة لا يبقى منها بعد ذلك الاستثناء إلا الأقل، قال الله عز وجل: * (قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أورد عليه) *، وهو بدل البيان، ولم يختلف قط أحد أنه