أخطأ فيه مالك مما لم يتدبره، لكن قاصدا إلى الخير، ولو أن أمرا ثبت على هذا وجازه بعد التنبيه له على ما فيه، وقيام حجة الله تعالى عليه في ورود القرآن بخلاف هذا لكان كافرا، ونعوذ بالله من الضلال.
قال أبو محمد: فبطل ما قالوه في الاجماع بأوضع بيان والحمد لله رب العالمين.
فصل فيمن قال: ما لا يعرف فيه خلاف فهو إجماع، وبسط الكلام فيما هو إجماع، وفيما ليس إجماعا قال أبو محمد: قد ذكرنا قبل قسمي الاجماع الذي لا إجماع في العالم غيرهما أصلا، وهما: إما شئ لا يكون مسلما من لا يعتقده، كشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والبراءة من كل دين يخالف دين الاسلام، كجملة القرآن وكالصلوات الخمس وصوم شهر رمضان. فإنه لا يشك مؤمن ولا كافر في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الناس إلى هذه الشهادة، وحكم باسم الاسلام وحكمه لمن أجابه إليها، وحكم باسم الكفر وحكمه لمن لم يجبه إليه، وأن أهل الاسلام بعده عليه السلام جروا على هذا إلى يومنا هذا. ولا يشك مؤمن ولا كافر في أنه صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات الخمس بكل من حضره خمس مرات كل يوم وليلة، وصلاها النساء وأهل العذر في البيوت كذلك، وصلاها أهل كل محلة، وأهل كل قرية، وأهل كل محلة في كل مدينة فيها إسلام، في كل يوم من عهده عليه السلام إلى يومنا هذا، لا يختلفون في ذلك، وكذلك الأذان والإقامة والغسل من الجنابة والوضوء.
ولا يشك مؤمن ولا كافر في أنه صلى الله عليه وسلم صام شهر رمضان الذي بين شوال وشعبان في كل عام، وصامه كل مسلم بالغ حاضر من رجل أو امرأة معه وفي زمانه وبعده في كل مكان، وفي كل عام إلى يومنا هذا ولا يشك مؤمن ولا كافر في أنه صلى الله عليه وسلم حج إلى مكة في ذي الحجة، وحج معه من لا يحصي عددهم إلا خالقهم عز وجل، ثم حج الناس إلى يومنا هذا كل عام إلى مكة في ذي الحجة.