سليمان بن أشعث، عن أحمد بن حنبل، ثنا زيد بن الحباب، ثنا معاوية بن صالح، عن حاتم بن حريث، عن مالك بن أبي مريم، ثنا عبد الرحمن بن غنم قال: أنبأ أبى ومالك الأشعري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، ثنا عبد الله بن ربيع، عن محمد بن معاوية المرواني، عن أحمد بن شعيب ثنا محمد بن عبد الاعلى، ثنا خالد - هو ابن الحارث - عن شعبة، سمعت أبا بكر بن حفص يقول: سمعت ابن محيريز يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
قال علي: فقد بينا وجه الحقيقة في هذا، ثم نذكر إن شاء الله تعالى طرفا من الآي التي تنازعوا فيها، فإن الشئ إذا مثل سهل فهمه.
فمن ذلك قوله عز وجل: * (واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها) * فقال قوم: معناه واسأل أهل القرية، واسأل أهل العير، وقال آخرون: يعقوب نبي فلو سأل العير أنفسها والقرية نفسها لأجابته.
قال علي: وكلا الامرين ممكن، ومنقوله تعالى: * (جدارا يريد أن ينقض) * فقد علمنا بضرورة العقل أن الجد أر لا ضمير له، والإرادة لا تكون إلا بضمير الحي - هذه هي الإرادة المعهودة التي لا يقع اسم إرادة في اللغة على سواها - فلما وجدنا الله تعالى، وقد أوقع هذه الصفة على الجدار الذي ليس فيه ما يوجب هذه التسمية، علمنا يقينا أن الله عز وجل قد نقل اسم الإرادة في هذا المكان إلى ميلان الحائط، فسمى الميل إرادة، وقد قدمنا أن الله تعالى يسمي ما شاء بما شاء، إلا أن ذلك لا يوجب نقل الحقائق التي رتب تعالى في عالمه عن مراتبها، ولا نقل ذلك الاسم في غير المكان الذي نقله فيه الخالق عز وجل، ولولا الضرورة التي ذكرنا ما استجزنا أن نحكم على اسم بأنه منقول عن مسماه أصلا، وقد أنشد أبو بكر محمد بن يحيى الصولي في نقل اسم الإرادة عن موضوعها في اللغة إلى غيره قول الراعي:
قلق الفؤوس إذا أردن نضولا وذكر أبو بكر الصولي رحمه الله أن ابن فراس الكاتب، وكان دهريا سأله في هذه الآية، فأجاب أبو بكر بهذا البيت، وقد قال قوم: إنه تعالى قادر على أن يحدث في الجدار إرادة، وبلى هو قادر على ما يشاء، وكل ما يتشكل في الفكر، ولكن