قال علي: وهذا هو القول الصحيح الذي لا يجوز غيره.
واحتج من قال إنها على الوجوب، وإنها أوكد من الأوامر بما حدثنا سعيد الجعفري قال: ثنا أبو بكر بن الأدفوي، ثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن النحاس النحوي، عن أحمد بن شعيب النسائي، عن سعيد بن عبد الرحمن، حدثنا سفيان - هو ابن عيينة - عن الزهري، قال وثبتني معمر بعد عن الزهري، عن عروة بن الزبير أن مسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم - يزيد أحدهما على صاحبه - قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فذكر الحديث وفيه طول، فلما فرغ من قصة الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:
قوموا فانحروا ثم احلقوا قال: فوالله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد، قام فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة: يا رسول الله أتحب ذلك، اخرج ثم لا تكلم منهم أحدا حتى تنحر وتحلق، فخرج عليه السلام فنحر بدنة ودعا بحالقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما.
قال علي: وما نعلم حجة أشنع عليهم من هذا الحديث الذي احتجوا به، لان الذي أوجب الله علينا طاعته وأمرنا باتباعه هو النبي صلى الله عليه وسلم الذي أنكر عليهم التأخر عما أمرهم به، ولم يأمر باتباع الذين خالفوه حتى فعل ما أمرهم به والذين أوهموه حتى جعلوه يشكوا ما لقي منهم.
ومن أخذ بفعل الناس وترك أمر نبيه صلى الله عليه وسلم، وعمل بما أنكره عليه السلام ولم يلتفت إلى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم، وصوب فعل من أغضبه وتعمد ذلك، فقد ضل ضلالا، ولم نأمن عليه مفارقة الاسلام.
وليعلم كل ذي لب أن ذلك الفعل من أهل الحديبية رضي الله عنهم خطأ ومعصية، ولكنهم مغفور لهم بيقين النص في أنه لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية، وليس غيرهم كذلك، ولا يحل لمسلم أن يقتدي بهم في ذلك، فلا بد