لكل فاضل من زلة. وكل عالم من وهلة، وكل أحد من الخيار فإنه يؤخذ من قوله وفعله، ويترك ويرغب من كثير من قوله وفعله، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن اقتدى بأهل الحديبية في هذا الفعل الذي أنكره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد هلك، رضي الله عنهم مضمون لهم المغفرة في ذلك وغيره، ولم يضمن ذلك لغيرهم. وقد أقر بعضهم رضي الله عنهم على نفسه الخطأ العظيم في هذا الباب كما حدثنا عبد الله بن يوسف، عن أحمد بن فتح قال: ثنا عبد الوهاب بن عيسى، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن علي، عن مسلم، ثنا أبو كريب محمد بن العلاء، ومحمد بن عبد الله بن نمير قالا: أنبأنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، قال: سمعت سهل بن حنيف بصفين يقول: اتهموا رأيكم على دينكم فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع رد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأعمش عن أبي وائل عن سهل - لرددته.
قال علي: ويوم أبي جندل هو يوم الحديبية، فقد أقر سهل رضي الله عنهم أنهم أساؤوا الرأي يوم الحديبية، حتى لو استطاعوا رد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لردوه.
حدثنا أبو سعيد الجعفري، حدثنا ابن الأدفوي، ثنا أبو جعفر بن الصفار، عن النسائي، عن سعيد بن عبد الرحمن، حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري قال: وثبتني معمر عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم فذكرا حديث الحديبية، وفيه أن عمر بن الخطاب قال: والله ما شككت مذ أسلمت إلا يومئذ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقا؟
قال: بلى قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى قلت: فلم نعطى الدنية في ديننا إذا؟ قال: إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري قلت:
أو ليس وعدتنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا قال: إنك تأتيه وتطوف به قال فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟
قال: بلى، قلت فلم نعطى الدنية إذا؟ قال: أيها الرجل إنه رسول الله، وليس يعصي ربه وهو ناصره، فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله إنه لعلى الحق.