عنه، وإذا كان الرضا عنه فرضا ففرض علينا قبول شهادته، لأنه ممن نرضى من الشهداء بنص القرآن في إيجاب شهادة * (من ترضون من الشهداء) * فقد صح أن سقوط الفسق عنه موجب لقبول شهادته.
والعجب من أصحاب أبي حنيفة في تركهم ظاهر الآية وميلهم إلى رأيهم الفاسد، فإن نص الآية إنما يوجب ألا تقبل شهادته بنص القذف، وليس في ذلك أن شهادته لا تسقط إلا بعد أن يحد، وقالوا هم: إن شهادته لا تسقط إلا أن يحد، فزادوا في رأيهم ما ليس في القرآن، وخالفوا الآية في كل حال فقبلوا شهادته أفسق ما كان قبل أن يحد وردوها بعد أن ظهر الحد، وقد أخبر عليه السلام في كثير من الحدود أن إقامتها كفارة لفاعليها، وهم أهل القياس بزعمهم، فهلا قاسوا المحدود في القذف على المحدود في السرقة والزنى، وقد شاركهم المالكيون في بعض ذلك، فردوا شهادة المحدود فيما حد فيه وأجازوها فيما لم يحد فيه، وهذا كله افتراء على الله لم يأذن به، وحكم في الدين بغير نص. وبالله تعالى التوفيق.
قال علي: وكذلك قوله عز وجل: * (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق) * إلى قوله تعالى: * (الا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا) * فإن الاستثناء الذي في آخرها راجع بإجماع إلى كل ما تقدم قال علي: والاشتراط هو معنى الاستثناء في كل ما قلنا من ذلك قوله تعالى * (ذلك لمن خشي العنت منكم) * فهذا كما تراه استثناء صحيح لمن خشي العنت مع كل ما تقدم من الشروط دون ذكر من لم يخش العنت، وكذلك قوله تعالى: * (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) * في كفارات الايمان فكان هذا الشرط عن عدم كل مذكور في الآية من رقبة وكسوة وإطعام لا على أقرب مذكور فيها.
وكذلك قوله تعالى في آية المحاربة: * (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم) * فكان ذلك راجعا على سقوط كل ما ذكر في الآية من قتل وصلب ونفي وقطع وخزي وعذاب، لا على بعض ذلك دون بعض بإجماع فإن اعترض معترض بقوله تعالى: * (فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) * وأننا نقول إنه راجع إلى أقرب مذكور.