الاحكام - ابن حزم - ج ٤ - الصفحة ٤٠٤
اعترضوا به من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الثلث كثير فالمالكيون، لأنهم يجعلون الثلث كثيرا في الاستثناء من الحبس كما ذكرنا. ثم يجعلونه في حكم المرأة ذات الزوج في مالها قليلا، فيجوزون لها الثلث دون رأي زوجها، ويمنعونها من أكثر من الثلث إلا برأيه، ثم يجعلون الثلث كثيرا في الجائحة إذا أصابت من الثمرة ثلثها فصاعدا، ويجعلون ما دون الثلث قليلا لا حكم له، ثم يجعلون الثلث قليلا في استثناء البائع من حائطه المبيع، أو زرعه المبيع مكيلة تبلغ الثلث فأقل، ويجعلون ما زاد على الثلث في ذلك كثيرا ممنوعا. ثم يجعلون الثلث كثيرا في الشاة تباع ، ويستثنى منها أرطال فمنعوا من ذلك إن كانت الأرطال مقدار الثلث، وأجازوه إن كانت أقل من الثلث، ثم يجعلون الثلث قليلا في الدار تكترى وفيها نخل لم يظهر بعد فيه ثمرة، أو ظهرت ولم يبد صلاحها، فأجازوا دخول تلك الثمرة في الكراء. قالوا: فإن كانت أكثر من الثلث لم يجز ذلك ويجعلون العشر قليلا وما زاد عليه كثيرا، فيمن أمر آخر أن يشتري له جارية بثلاثين، فاشترى له جارية بثلاثة وثلاثين، قالوا: هي لازمة للآمر. فإن كان أكثر فهي غير لازمة للآمر، وقد قالوا أيضا: إن ما زاد على نصف العشر كثير، فيمن أمر آخر أن يشتري له عبدا بمائة دينار، فاشتراه له بمائة وخمسة دنانير، أنه يلزمه ولا يلزمه إن اشتراه بأكثر، ومرة يجعلون النصف قليلا، فيمن كان له عند آخر دينارا فصارفه في نصفه بدراهم، فأخذ بالنصف الثاني طعاما، أن ذلك جائز، فإن صارفه بأكثر من النصف وأخذ بالباقي لم يجز ذلك، لأنه كثير.
وقالوا: من ابتاع سلعا فوجد بعضها فاسد، لا يجوز بيعها كشاة ميتة بين مذكيات ونحو ذلك، فإن كان وجه الصفقة والذي يرجى فيه الربح، فسخت الصفقة كلها، وإن كان أقل من ذلك فسخ الحرام ونفذ العقد في الحلال، وحدوا الكثير في ذلك بالسبعين من المائة، فجعلوا ما دون الثلاثة الأرباع قليلا، وجعلوا نقص النصف من الاذن والذنب مانعا من جواز التضحية. ونرجح في الثلث فما فوقه إلى النصف، ثم يجعلون الثلث قليلا، في الحلو السيف، والمصحف يكون فيه فضة تقع في ذلك قيمته ما هي فيه، فيجيزون بيعه كله أو بعضه، أو يكون فيه ذهب يقع في ثلث قيمة ما هو فيه، فيباع بالذهب
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الرابع عشر: في أقل الجمع 391
2 فصل: من الخطاب الوارد بلفظ الجمع 396
3 الباب الخامس عشر: في الاستثناء 397
4 فصل واختلفوا في نوع من الاستثناء 402
5 فصل: من الاستثناء 407
6 الباب السادس عشر: في الكناية بالضمير 412
7 الباب السابع عشر: في الإشارة 412
8 الباب الثامن عشر: في المجاز والتشبيه 413
9 فصل في التشبيه 421
10 الباب التاسع عشر: في أفعال رسول الله (ص) وفى الشئ يراه أو يبلغه فيقره صامتا عليه لا يأمر به ولا ينهى عنه 422
11 باب الكلام في النسخ وهو الموفي عشرين 438
12 فصل: الأوامر في نسخها وإثباتها تنقسم أقساما أربعة 440
13 فصل: في رد المؤلف على القائلين - وقد ذكر النسخ وارتفاع اللفظ المنسوخ: وهذا وجه من وجوه الحكمة 442
14 فصل: في قوله تعالى (ما ننسخ من آية أو ننسأها) 443
15 فصل اختلف الناس في النسخ على ما يقع أعلى الأمر أم على المأمور به؟ 443
16 فصل وقد تشكك قوم في معاني النسخ والتخصيص والاستثناء 444
17 فصل في إمكان النسخ ثم إيجابه ثم امتناعه 445
18 فصل فيما يجوز فيه النسخ وفيما لا يجوز فيه النسخ 448
19 فصل هل يجوز نسخ الناسخ 455
20 فصل في مناقل النسخ 456
21 فصل في آية ينسخ بعضها ما حكم سائرها؟ 457
22 فصل في كيف يعلم المنسوخ والناسخ مما ليس منسوخا 458
23 فصل ولا يضر كون الآية المنسوخة متقدمة في الترتيب والناسخة متأخرة فيه 465
24 فصل في نسخ الأخف بالأثقل والأثقل بالأخف 466
25 فصل في نسخ الشئ قبل أن يعمل به 472
26 فصل في نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 477
27 فصل في نسخ الفعل بالأمر والأمر بالفعل 483
28 فصل في متى يقع النسخ عمن بعد عن موضع نزول الوحي 485
29 فصل في النسخ بالإجماع 488
30 فصل في رد المؤلف على من أجاز نسخ القرآن والسنة بالقياس 488
31 الباب الحادي والعشرون: في المتشابه من القرآن والفرق بينه وبين المتشابه وبين المتشابه في الأحكام 489
32 الباب الثاني والعشرون: في الاجماع وعن أي شئ يكون الاجماع وكيف ينقل الاجماع 494
33 فصل ثم اختلف الناس في وجوه من الاجماع 506
34 ذكر الكلام في الاجماع إجماع من هو؟ إجماع الصحابة أم الاعصار بعدهم وأي شئ هو الاجماع وبأي شئ يعرف أنه إجماع 509
35 فصل فيمن قال إن الاجماع لا يجوز لأحد خلافه 512
36 فصل وأما من قال بمراعاة انقراض العصر في الاجماع 513
37 فصل وأما من قال إذا اختلف أهل عصر ما في مسألة ما 515
38 فصل وأما من قال إذا اختلف أهل عصر ما ثم أجمع أهل عصر ثان على أحد الأقوال التي اختلفت عليها أهل العصر الماضي 515
39 فصل وأما قول من قال إن افترق أهل العصر على أقوال كثيرة 516
40 فصل فيمن قال مالا يعرف فيه خلاف فهو إجماع وبسط الكلام فيما هو اجماع وفيما ليس إجماع 529
41 فصل فيمن قال بأن خلاف الواحد من الصحابة أو ممن يعدم لا يعد خلافا وأن قول من سواه فيما خالفهم فيه إجماع 544
42 فصل في قول من قال قول الأكثر هو الاجماع ولا يعتد بقول الأقل 552
43 فصل: في إبطال قول من قال الاجماع هو إجماع أهل المدينة 552
44 فصل: فيمن قال ان الاجماع هو إجماع أهل الكوفة 566
45 فصل: في إبطال قول من قال أن قول الواحد من الصحابة إذا لم يعرف له مخالف فهو إجماع وإن ظهر خلافه في العصر الثاني 566
46 فصل: وأما من قال ليس لأحد أن يختار بعد أبى حنيفة الخ 572
47 فصل: وتكلموا أيضا في معنى نسبوه إلى الاجماع 579
48 فصل: واختلفوا هل يدخل أهل الأهواء في الاجماع أم لا؟ 580