قالوا: فإن كان مقدار ذلك أكثر من الثلث مما هو فيه، لم يجز بيعه إن كان فضة بفضة أصلا، وإن كان ذهبا بذهب أصلا، قالوا: والسكين بخلاف الحلي والسيف المصحف في ذلك.
قال علي: فمرة كما ترى يجعلونه الثلث قليلا، ومرة يجعلونه كثيرا، ومرة يجعلون النصف قليلا، ومرة يجعلون ما زاد على العشر كثيرا، تحكما بآرائهم الفاسدة بلا دليل، وإن سماع هذه القضايا الفاسدة التي لم يأذن بها الله عز وجل لعبرة لمن اعتبر، وآية لمن تفكر، والعجب يتضاعف من قوم قبلوا ذلك ودانوا به كما ترى وتركوا له دلائل القرآن والسنة ونصوصهما، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
قال علي: وقد جاء في نص القرآن استثناء الأكثر من جملة يبقى منها الأقل بعد ذلك، فبطل كلام كل من خالفه، قال الله عز وجل لإبليس: * (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين) * وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا في الأمم التي تدخل النار، كالشعرة السوداء في الثور الأبيض، وأنه عليه السلام يرجو ان يكون نصف أهل الجنة، وأن بعث أهل النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون للنار، واحد إلى الجنة، هذا حكم جميع ولد آدم عليه السلام، ويكفي من ذلك قوله تعالى: * (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) * فقد استثنى الغاوين من جملة الناس وهم أكثر الناس، فاستثنى كما ترى ألفا غير واحد من ألف.
قال علي: وأيضا فإن الاستثناء إنما هو إخراج للشئ المستثنى، مما أخبر به المخبر عن الجملة المستثنى منها، ولا فرق بين إخراجك من ذلك الأكثر، وبين إخراجك الأقل، وكل ذلك خبر يخبر به، فالخبر جائز عن الأكثر كجوازه عن الأقل، ولا يمنع من ذلك إلا وقاح معاند أو جاهل، وأيضا فلا شك بضرورة التمييز أن عشرة آلاف أكثر من عشر آلاف حاشا واحدا، فإذا كان ذلك فعشرة آلاف غير واحد قليل بالإضافة إلى عشرة آلاف كاملة، وإذا كان ذلك فاستثناء القليل من الكثير جائز لا تمانع فيه. وأيضا فإنه لا فرق بين قول القائل ألف غير تسعمائة وتسعة وتسعين، وبين قوله، واحد، ولا فرق بين قول القائل: سبعمائة وثلاثمائة، وبين قوله: ألف، وهذا كله من المتلائمات وهي