المكان لا الملائكة، ونسأل من ذهب إلى هذا، أيجوز أن يقول قائل، والجن حافون من حول العرش؟ وهذا ما لا يجيزه مسلم، وقد أخبر تعالى أن الجن عن السمع لمعزولون، ودون السماء بالشهب مقذوفون، وأن الملائكة بخلاف ذلك.
ويلزم من سمى الجن جنا من أجل اجتنانهم أن يسمي دماغه جنيا ويسمي مصيره جنيا، لان كل ذلك مجتن، وقد اعترض بعضهم بأن إبليس دخل مع الملائكة في الامر بالسجود لآدم صلى الله عليه وسلم.
قال علي: وهذا باطل لان الله تعالى أخبر أنه كان من الجن، ولا تدخل الجن مع الملائكة فيما خصت به الملائكة، فلا بد أنه تعالى أمر إبليس أيضا بالسجود، وقد جاء النص بذلك فقال تعالى: * (يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) * فقد أيقنا أن الله تعالى أمره بالسجود كما أمر الملائكة، فقد وجدنا الله تعالى استثنى إبليس من غير نوعه، فلا مجال للشك في هذا المعنى بعد هذا، ووجدناه تعالى قد قال أيضا: * (ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا) * أي لكن خطأ وقال تعالى: * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الا أن تكون تجارة) * وقال تعالى * (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) *. وقال تعالى * (لا يسمعون فيها لغو أو لا تأثما إلا قيلا سلاما سلاما) * فاستثنى عز وجل الموتة الأولى وليست الموتة فيما يذاق أصلا في الجنة واستثنى تعالى التجارة - وهي حق - من الباطل واستثنى تعالى الخطأ من القتل المحرم، وليس المخطئ قاتلا من العمد الحرم، واستثنى تعالى القول الطيب سلاما سلاما من قول الاثم، ومن هذا الباب لا إله إلا الله، واستثنى الله تعالى من جملة الآلهة التي عبدها من سوانا وليس تعالى من جنسها ولا نوعها، ولا له عز وجل نوع ولا جنس أصلا، وقد قال تعالى: * (وما لاحد عنده من نعمة تجزى ئ إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى) * وقال النابغة الذبياني:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب