لا نعلم نحن فيه اختلافا إلا أن وجود الاختلاف فيه ممكن، نعم، وقد خالفوا الاجماع المتيقن على ما تبين بعد هذا إن شاء الله تعالى، فإذا الامر هكذا فلا حجة لهم في شئ من هذه النصوص أصلا فيما أنكرناه عليهم.
إنما الاخبار التي ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنما فيها أن أمته عليه السلام لا تجتمع ولا ساعة واحدة من الدهر على باطل، بل لا بد أن يكون فيهم قائل بالحق وقائم بالحق وقائم به، وهكذا نقول، وهذا الخبر إنما فيه بنص لفظه وجود الاختلاف فقط، وأن مع الاختلاف فلا بد فيهم من قائل بالحق. وأما قوله تعالى: * (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم) * فإنها حجة قائمة عليهم، والحمد لله رب العالمين، وذلك أن الله تعالى لم يتوعد في هذه الآية متبع على غير سبيل المؤمنين فقط، لا مع مشاقته لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن تبين الهدى وهذا نص قولنا، والحمد لله رب العالمين.
واعلم أنه لا سبيل للمؤمنين البتة إلا طاعة القرآن والسنن الثابتة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما إحداث شرع لم يأت به نص فليس سبيل المؤمنين، بل هو سبيل الكفر، قال الله تعالى: * (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا) *.
قال أبو محمد: هذه سبيل المؤمنين بنص كلام الله تعالى، لا سبيل لهم غيرها أصلا فعادت هذه الآية حجة لنا عليهم، وأما قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) * وقوله تعالى: * (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الامر منهم) * فإن هذا مكان قد اختلف الصدر الأول فيه في من هم أولي الامر كما حدثنا أحمد بن محمد الطلمنكي، ثنا محمد بن مفرج، ثنا إبراهيم بن أحمد بن فراس، ثنا محمد بن علي بن زيد الصائغ، ثنا سعيد بن منصور، ثنا أبو معاوية - هو محمد بن خازم الضرير - عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة في قوله تعالى: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) * قال: هم الامراء.
وروينا عن مجاهد والحسن وعكرمة وعطاء قال: هم الفقهاء، وروينا ذلك بالسند المذكور إلى سعيد بن منصور، عن هشيم وسفيان بن عيينة، قال هشيم: