أخبرنا أبو معاوية، ومنصور، وعبد الملك بن معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، ومنصور، عن الحسن، وعبد الملك، عن عطاء، وقال سفيان عن الحكم بن أبان عن عكرمة.
قال أبو محمد: فإذا لم يأت قرآن ببيان أنهم العلماء المجمعون، ولا صح بذلك إجماع، فالواجب حمل الآيتين على ظاهرهما، ولا يحل تخصيصهما بدعوى بلا برهان، لأنه مع ذلك تقويل لله عز وجل ما لم يقل، ونحن نقطع بأنه تعالى لو أراد بعض أولي الامر دون بعض لبينه لنا، ولم يدعنا في لبس فوجب ما قلناه من حمل الآيتين على عمومهما. فنقول: إن أولي الامر المذكورين في الآيتين هو الأمراء والعلماء، لأن كلتا الطائفتين أولو الأمر منا، وإذ هذا هو الحق، فمن الباطل المتيقن أن يقول قائل: إن الله تعالى أمرنا بقبول طاعة الامراء العلم فيما لم يأمر به الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم فصح أن طاعة العلماء الامراء إنما تجب علينا فيما أمرنا به، مما أمر الله به تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فقط.
وأما قولهم: إن الله تبارك وتعالى لو أراد هذا لاكتفى بالامر بطاعة الرسول عليه السلام على أن يذكر تعالى أولي الأمر - فكلام فاسد، لأنه يقال لهم:
إن قلتم إن ذكره تعالى طاعة أولي الامر منا فيما قالوا برأي أو قياس لا فيما نقلوه إلينا عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذ قد أغنى أمره تعالى بطاعة الرسول عن تكراره -: فيلزمكم سواء بسواء أن تقولوا أيضا: إن أمره تعالى بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بعد أمره بطاعة نفسه عز وجل، دليل على أنه عز وجل، إنما أمرنا بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قاله من عند نفسه، لا فيما أتانا به من عند ربه عز وجل، إذ قد أغنى أمر بطاعة نفسه عن تكراره لا فرق بين القولين.
فإن أبيتم من هذا ظهر تناقضكم وتحكمكم بالباطل بلا بر هان، وإن جسرتم وقلتموه أيضا كنتم أتيتم بعظائم مخالفة للقرآن وللرسول عليه السلام وللاجماع المتيقن، إذ جوزتم أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع لم يوح الله تعالى بشئ منها إليه قط، والله تعالى قد أكذب هذا القول إذ أمره أن يقول: