والملكة (وتوضيح: ذلك) ان الصحة والفساد كيفيتان وجوديتان عارضتان للشئ في الوجود الخارجي باعتبار اتصافه بكيفية ملائمة لطبيعته النوعية، فيقال بطيخ صحيح بالملاك المذكور كما أنه إذا اتصف بكيفية منافرة أو باثر لا يترقب من نوعه يقال إنه فاسد كمرارته أو فساده وهذا بخلاف النقص والتمام فان ملاك الاطلاق فيهما انما هو جامعيته للاجزاء والشرائط وعدمها، مثلا الانسان الذي له عين أو يد واحدة يقال إنه ناقص لا فاسد وفي مقابله التمام، نعم يطلق عليه الصحة باعتبار كيفيته المزاجية لا من جهة الأعضاء (فان قلت:) فعليه لابد ان لا يصح توصيف الكيفيات والحقائق البسيطة بالتمام وضده لفقدان التركيب فيهما (قلت:) الظاهر أن الاطلاق في أشباه ذلك انما هو باعتبار لحاظ الدرجات، فيقال للوجود الشديد انه وجود تام وللضعيف انه ناقص وقس عليه النور وشبهه، كما أن اطلاق الصحة والفساد. بالمعنى المذكور على الماهيات الاعتبارية كالصلاة والصوم، من باب التوسع في الاطلاق، لان اجزاء تلك الماهيات لها وحدة في وعاء الاعتبار وهيئة إتصالية ولذا يقال إنه قد قطع صلوته أو أفطر صومه إذا اتى بما ينافيه، فعروض الفساد لها انما هو من جهة فقدانها بعض ما هو معتبر فيها كما في الموجودات الخارجية الحقيقية، لكن باعتبار تخلف الأثر وادعاء ترتب كيفية منافرة عليها هذا والطريق الوحيد للتخلص عما تقدم من الاشكال لمن اشتهى ابقاء البحث على حاله ليس الا بالقول باستعمال الصحة والفساد في التمام والنقص أعني استعمال ذاك المفهوم في هذا المفهوم ولكنه بعد غير صحيح لعدم وجود العلاقة بينهما واتحادهما بحسب المصداق لا يصحح العلاقة.
(الثالث) يجد المتتبع في خلال كلمات القوم ان عباراتهم في تحرير محل البحث مشوشة جدا فبعضهم خصه بالاجزاء واخرج الشرائط عنه مطلقا، سواء كانت مما أخذت في متعلق الأمر كالطهور والستر أم لم تؤخذ فيه، وسواء أمكن اخذها وان لم تؤخذ فعلا كالشروط العقلية المحضة مثل اشتراط كون المأمور به غير مزاحم بضده الأهم أو كونه غير منهى عنه بالفعل، أو كان مما وقع الخلاف في امكان اخذه فيه كالشرط الذي يأتي من قبل الامر، كقصده وقصد الوجه - وبالجملة قد قصر هذا القائل البحث على الاجزاء واخرج الشرائط بأجمعها عن حريمه.