حيث لا يتوجه إليهما القصد ولا يتعلق بهما الغرض، فهو قول كاذب بشهادة الوجدان و ضرورة العقل بامكان الخبر بها وعنها في التراكيب الكلامية تبعا لأسمائها وليس الغرض من قولنا: ضربت زيدا يوم الجمعة في السوق، الا افهام حدوث الضرب منا، في مكان كذا ووقت كذا. فهذه القيود قيود للمعنى الحرفي وهو النسبة الكلامية كما هو ظاهر.
الأمر الخامس عرف المجاز غير واحد من الأدباء بأنه استعمال اللفظ في غير ما وضع له بعلاقة معتبره وقرينة معاندة وشذ عنهم السكاكي في قسم واحد من أقسامه، وهو الاستعارة ورأى أن ذلك حقيقة لغوية وان التصرف انما هو في أمر عقلي وهو جعل ما ليس بفرد فردا - واستدل عليه بأنه لولاه لما صح التعجب في قوله:
(قامت تظللني ومن عجب * شمس تظللني من الشمس) ولما كان للنهي عن التعجب موردا في قول الشاعر:
لا تعجبوا من بلى غلالته * قد زر ازراره على القمر وما ربما يقال في رده، من أن التعجب والنهى عنه مبنيان على نسيان التشبيه قضاء لحق المبالغة، مردود بأنه لولا الادعاء لما كان لنسيان التشبيه معنى، ولا يقضى حق المبالغة بل الادعاء هو الذي يصحح نسيانه ويودى به الغرض من المبالغة.
فهذا القول يشترك مع قول المشهور في كون الاستعمال في غير الموضوع له، لوضوح ان استعمال اللفظ في المصداق الحقيقي للموضوع له بخصوصه مجاز فكيف بالفرد الادعائي فما ذهب إليه من أن الادعاء المزبور يجعله حقيقة لغوية غير تام - ويرد عليه مضافا إلى ما ذكر، انه وإن كان أقرب من قول المشهور إلى الذوق السليم، الا انه لا يتم في الاعلام الشخصية مثل (حاتم) و (مارد) الا بتأويل بارد ثم انك قد عرفت ان استعمال اللفظ الموضوع للطبيعة اللابشرط المعراة عن كل قيد في مصاديقها الواقعية مجاز فضلا عما جعل مصداقا بالادعاء ولا ينتقض هذا بمثل زيد انسان إذ المحمول مستعمل في الماهية المطلقة لا في الفرد الخاص والهيئة الحملية تفيد الاتحاد والهوهوية (ثم) انى أرى خلاف الانصاف ان ارتضى رأيا في هذا المقام غير ما وقفت على تحقيقه من العلامة أبي المجد الشيخ محمد رضا الأصفهاني (قدس الله سره) في وقايته واستفدت.