هذا من عجيب القول، إذ وحدة اللحاظ مع تعدد المعنى إن كانت لأجل وقوع المعنيين تحت جامع وحداني تجمع ما تفرق، بلحاظ واحد، فقد أسمعناك في صدر المبحث انه خارج من حريم النزاع - وإن كان مع كون كل من المعنيين ملحوظا بحياله ومستعملا فيه ومع ذلك يكونان ملحوظين بلحاظ واحد، فهو غير قابل للقبول بل مدفوع بالموازين العلمية - إذ فرض كون الشيئين موجودين بنعت الكثرة في الذهن مع وحدة اللحاظ، فرض وحدة الكثير مع كثرته.
والحاصل ان لحاظ النفس ليس الا علمها بالشئ وتصورها إياه فلو وقع المعلوم بنعت الكثرة في لوح النفس وصفحة الادراك فقد وقع العلم عليه كذلك، إذ التصور والإدراك وما رادفهما من سنخ الوجود في عالم الذهن ولا معنى لوجود المتكثر بما هو متكثر بوجود واحد - فتخلص انه لا مانع من استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد عقلا، واما المنع من جهة القواعد الأدبية أو من جهة اشتراط الواضع فضعيف جدا لا ينبغي البحث عنه واما ما ورد من أن للقرآن سبعين بطنا فمن غوامض الكلام لا يقف على مغزاه الا الخائض في لحجج العلم وبحار المعارف فليطلب عن مواضعه، وعلى كل حال لا يرتبط بالمقام.
الكلام في المشتق (الأمر الرابع عشرة:) في إفاضة القول في المشتق وانه موضوع لخصوص المتلبس أو الأعم منه ومما انقضى عنه المبدء ولنقدم امام المقال أمورا الأول الظاهر أن المسألة لغوية وان البحث معقود لتعيين الموضوع له و ذهب بعض الأعيان إلى كونها عقلية لأجل ان حمل شئ على شئ انما هو لكون الموضوع متحيثا بحيثية وواجدا لمبدء به يصح الحمل، والا لجاز حمل كل شئ على كل شئ ثم إن حدوث ذاك المعنى في الموضوع آنا ما ربما يكفي في صحة الحمل وان لم يكن له بقاء واستمرار كالأبوة وهى أمر آني ناش من تخلق الابن من مائه ولكن العرف يراه أمرا مستمرا، ثم فرع على ذلك قول صاحب المحجة: من أن القائل بعدم صحة الاطلاق على ما انقضى عنه المبدء يرى سنخ الحمل في الجوامد والمشتقات واحدا والقائل