في المفهوم (ثم) ليت شعري ان الحروف الايجادية كحروف النداء وشبهها كحروف القسم كيف تحكى عن الاعراض النسبية مع حكمه كليا بان الحروف كلها حاكيات عن الاعراض النسبية مع بداهة ان القائل في قوله: (وامن حفر بئر زمزماه) و (يا أيها الرسول) لا يحكى عن نداء خارجي أو ذهني بل يوجد فردا منه حين الاستعمال.
(ثم) ان هذا لا يتم فيما كان المحمول وطرف الربط في القضية من مقولة الكم والكيف كما في قولنا: زيد له البياض والجسم له طول وعرض فهل اللام موضوع للعرض النسبي واستعمل هنا في معنى مجازى وهو نفس الربط والإضافة بينهما مع أنه خلاف الارتكاز والتحقيق ان اللام يفيد الإضافة بالمعنى التصوري والهيئة تدل على تحققها وسيأتى زيادة تحقيق لذلك (تكميل) واما وضع الحروف فقد اختلف الأقوال وتكثرت الآراء فيه. الا انا لا نتعرض الا لجملة منها مشهورة ثم نعقبه بما هو المختار مشفوعا بالبرهان.
(فمنها) ما اختاره المحقق الخراساني من عموم الوضع والموضوع له مستدلا بان الخصوصية المتوهمة إن كانت هي الموجبة لكون المعنى المتخصص بها جزئيا خارجيا فمن الواضح ان المستعمل فيه كثيرا ما يكون كليا. وإن كانت هي الموجبة لكون المعنى جزئيا ذهنيا للحاظه حالة لمعنى آخر فهي توجب اخذه في المستعمل فيه بل لا يصح لحديث اجتماع اللحاظين. واحتياجه إلى التجريد والغاء الخصوصية في استعمال الأوامر.
(وأنت خبير) بالمغالطة الواقعة فيه حيث إن ما رتبه من البرهان على نفى الجزئية مبنى على تسليم الاتحاد بين الأسماء والحروف وانهما من سنخ واحد جوهرا وتعقلا ودلالة فحينئذ يصح ان يبنى عليه ما بنى، من أنه لا مخصص ولا مخرج من العمومية. مع أنك عرفت التغاير بينهما في جميع المراحل وسيأتي ان الموضوع له في مورد نقضه من قوله: (سر من البصرة إلى الكوفة) مما يتوهم كلية المستعمل فيه. خاص أيضا. فارتقب.
(ومنها) ما في تقريرات (بعض الأعاظم) من عمومها لا بالمعنى الذي في الأسماء بل بمعنى ان الموجد بالحروف في جميع مواطن الاستعمالات شئ واحد بالهوية وان الخصوصيات اللاحقة لها خارجة عن الموضوع له ولازمة لوجوده. كالاعراض المحتاجة