التصرفات (فتلخص) ان المشتق يدل على المعنون بعنوان من غير دلالة على الحدثية والعرضية، فإذا قلنا إنه سبحانه عالم، ليس معناه الا كون ذاته تعالى كاشف أو كشف تام عن الأشياء والعلم حقيقة الانكشاف من غير دخالة العرضية والجوهرية فيه، فليس حقيقته الا ذلك وهو ذو مراتب وذو تعلق بغيره لا نحو علق الحال بالمحل، وهو تعالى باعتبار كونه في مرتبة ذاته كشف تفصيلي في عين البساطة والوحدة عن كل شئ أزلا وابدا، يطلق عليه عالم، وباعتبار كون ذاته منكشفا لدى ذاته يكون معلوما، فصدق المشتقات الجارية على ذاته تعالى حقيقة من غير شوب اشكال - والحمد لله تعالى المقصد الأول في الأوامر وفيه فصول الفصل أول - فيما يتعلق بمادة الامر وفيه جهات من البحث (الأولى) اعلم أن المعروف بين الأصوليين ان لفظ الامر مشترك لفظي بما انه لفظ واحد بين الطلب الذي هو أمر حدثني وقابل للتصريف، وبين غيره الذي ليس كذلك، وعن بعضهم انه مشترك معنوي بينهما ولكنه غفلة وذهول لامتناع وجود جامع حقيقي بين الحدث وغيره، وعلى فرض وجوده لا يكون حدثيا حتى يقبل الاشتقاق الا بنحو من التجوز، كما أن القول باشتراكه لفظا غير صحيح، إذا الموضوع للحدث هي المادة السارية في فروعها التي لم تتحصل بهيئة خاصة بل خالية عن جميع الفعليات والتحصلات، والموضوع لمعان آخر هو لفظ الامر جامدا المتحصل بهيئة خاصة كلفظ الانسان والحيوان و (عليه) فالوضعان لم ينحدرا على شئ واحد حتى يجعل من الاشتراك اللفظي، بل على مادة غير متحصلة تارة، وعلى اللفظ الجامد أخرى ولعل القائل بالاشتراك يرى مادة المشتقات هو المصدر وتبعه غيره في ذلك من غير توجه إلى تاليه ثم الظاهر كما هو مقتضى التبادر من قولنا (أمر فلان زيدا)، ان مادته موضوعة لجامع اسمى بين هيئات الصيغ الخاصة بمالها من المعنى، لا الطلب ولا الإرادة المظهرة ولا البعث وأمثالها، ولا يبعد أن يكون المعنى الاصطلاحي مساوقا للغوى أي لا يكون له اصطلاح خاص، مثلا إذا قال اضرب زيدا يصدق على قوله إنه امره، وهو غير قولنا انه طلب منه أو أراد منه أو بعثه، فان هذه المفاهيم الثلاثة غير مفهوم الامر عرفا وبعبارة أوضح ان مادة الامر موضوعة لمفهوم اسمى منتزع من الهيئات بما لها من
(٩٩)