المبحث السابع في الفور والتراخي ما قدمناه في نفى دلالة الامر على المرة والتكرار جار بعينه في عدم دلالته على الفور والتراخي بل لا محيص عن اخراج كل قيد من زمان أو مكان أو غيرهما عن مدلوله مما لا يدل عليه الامر لا بهيئته ولا بمادته فلا نطيل بالإعادة (نعم) تشبث جماعة من الأعاظم في اثبات الدلالة على الفور بأمور خارجة من صيغة الامر منهم شيخنا العلامة في الدورة الأخيرة كما أسمعناك من مقايسة الأوامر بالعلل التكوينية في اقتضائها عدم انفكاك معاليلها عنها وعليه جرى في قضاء الفوائت في كتاب الصلاة حيث قال إن الامر المتعلق بموضوع خاص غير مقيد بزمان وان لم يكن ظاهرا في الفور ولا في التراخي ولكن لا يمكن التمسك به للتراخي بواسطة الاطلاق ولا التمسك بالبرائة العقلية لنفى الفورية لأنه يمكن ان يقال إن الفورية وإن كان غير ملحوظة قيدا في المتعلق الا انها من لوازم الامر المتعلق به فان الامر تحريك إلى العمل وعلة تشريعية و كما أن العلة التكوينية لا تنفك عن معلولها في الخارج كذلك العلة التشريعية تقتضي عدم انفكاكها عن معلولها في الخارج وان لم يلاحظ الامر تربته على العلة في الخارج قيدا انتهى وكفاك دليلا في جواب ما اختاره ما مر من أنهما في العلية التأثير مختلفان متعاكسان حيث إن المعلول في التكوين متعلق بتمام حيثيته بنفس وجود علته بخلاف التشريع، على أن عدم الانفكاك في التكوين لأجل الضرورة والبرهان القائم في محله و اما الأوامر فنجد الضرورة على خلافه حيث إن الامر قد تتعلق بنفس الطبيعة مجردة عن الفور والتراخي، واخرى متقيدا بواحد منهما ولا نجد في ذلك استحالة أصلا، أضف إلى ذلك ان مقتضى الملازمة بين الوجوب والايجاب ان الايجاب إذا تعلق بأي موضوع على أي نحو كان يتعلق الوجوب به لا بغيره فإذا تعلق الامر بنفس الطبيعة لا يمكن ان يدعوا إلى أمر زائد عنها من زمان خاص أو غيره فوزان الزمان وزان المكان وكلاهما كسائرا القيود العرضية لا يمكن ان يتكفل الامر المتعلق بنفس الطبيعة، اثبات واحد منهما لفقد الوضع والدلالة و وانتفاء التشابه بين التكوين والشريع فتدبر وربما يستدل بالآيات الدالة على وجود الاستباق إلى الخيرات والمسارعة إلى المغفرة في قوله تعالى (فاستبقوا الخيرات) وقوله
(١٣٣)