بالقرينة لا مقالية كما هو واضح، ولا حالية ودعوى وجود الحالية كما ترى - ووجودها في حديث واحد في قولها صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني اصلى. لا يدل على وجودها في غيره.
الست إذا نظرت إلى قوله تعالى في سورة المزمل المكية النازلة في أوائل البعثة (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) وما في المدثر المكية (قالوا لم نك من المصلين) وما في سورة القيامة والأعلى والعلق المكيات. تعلم أن كلها شواهد بينة على أن ألفاظ العبادات كانت معلوم المفهوم لدى النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه ومعاصريه من الكفار. وكانوا يفهمون معانيها بلا معونة قرينة.
فعند ذلك لابد لك من أحد أمرين: اما القول بمعهودية هذه العبادات والمعاملات لدى العرب المتشرعة في تلك الاعصار وكان ألفاظها مستعملة في تلك الماهيات ولو مع اختلاف في بعض الخصوصيات، سيما مع ملاحظة معهودية تلك العبادات قبل النبي صلى الله عليه وآله في الأمم السالفة. وانه لم يظهر من سيرة النبي صلى الله عليه وآله اختراع عبادة جديدة، سوى شئ لا يذكر، كما أنه لم يظهر منه صلى الله عليه وآله اختراع معاملة محدثة حتى في مثل الخلع والمبارات سوى المتعة لاحتمال كونها مخترعة ولكنها أيضا ليست ماهية برأسها. بل هي قسم من النكاح.
أو القول بثبوت الوضع منه صلى الله عليه وآله بنفس الاستعمال وما قد يتوهم من لزوم الجمع بين اللحاظ الالى والاستقلالي. مدفوع مضافا إلى منع لزوم الغفلة عن اللفظ حين الاستعمال دائما، بأنه يمكن أن يكون من باب جعل ملزوم بجعل لازمه ويكون الاستعمال كناية عن الوضع من غير توجه إلى الجعل حين الاستعمال وان التفت إليه سابقا أو سيلتفت بنظرة ثانية وهذا المقدار كاف في الوضع.
أو يقال إن المستعمل شخص اللفظ والموضوع له طبيعته وكلا الوجهين لا يخلو من تأمل، مع أن الأول مخالف لما هو المألوف في الاستعمالات الكنائية - وكيف كان اثبات الوضع ولو بهذا النحو موقوف على ثبوت كون العبادات أو هي مع المعاملات من مخترعات شرعنا وانها لم تكن عند العرب المتشرعة في تلك الأزمنة بمعهودة وانى لنا باثباته.
وعلى كل حال الثمرة المعروفة أو الفرضية النادرة الفائدة مما لا طائل تحتها عند التأمل حيث انا نقطع بان الاستعمالات الواردة في مدارك فقهنا انما يراد منها هذه المعاني التي عندنا فراجع وتدبر الامر الحادي عشر (في الصحيح والأعم) ولنذكر قبل الشروع