قضاء الوجدان على مقابله، وان كنت في ريب فاستوضح من مكان آخر، وهو ان إرادة الله تعالى قد تعلقت أزلا بايجاد ما لا يزال من الحوادث على الترتيب السببي والمسببي من غير وصمة الحدوث وتطرق التجدد في ذاته وارادته تعالى، كما برهن عليه في محله، ولا يمكن ان يقال في حقه سبحانه (كان له الشوق ثم صار إرادة وبلغ حد النصاب) وما فرع سمعك ان الإرادة فيه تعالى هو العلم بالنظام الأصلح، يحتاج إلى التوضيح المقرر في محله و (مجمله) انه ان أريد به اتحاد صفاته تعالى فهو حق، وبهذا النظر كلها يرجع إلى الوجود الصرف التام وفوق التمام، وان أريد نفى صفة الإرادة فهو الحاد في أسمائه تعالى، بل مستلزم لتصور ما هو أتم منه تعالى عن ذلك علوا كبيرا. (أضف) إليه، ان وجدانك أصدق شاهد على أن الانسان يجد في نفسه ثلث حالات (تارة) يشتاق الامر الاستقبالي كمال الاشتياق لكن لا يريده ولا يكون عازما لاتيانه و (أخرى) يريده ويقصده من غير اشتياق بل مع كمال الكراهة و (ثالثة) يريده مع الاشتياق والحب والميل، ولأجل ذلك يتصدى لتهيئة المقدمات في الأخيرين دون الأول وبذلك يظهر ان ما ادعاه كليا (من أن الاشتياق يتعلق بالمقدمة من قبل ذيها) ليس بصحيح لما تقدم ان الشوق إلى الفعل ليس من مبادئ الإرادة، بل ربما يريده لامع الشوق، كما يرضى بقطع اليد عند فساده مع الكراهة التامة. هذا حال الإرادة التكوينية (واما الإرادة التشريعية، فامكان تعلقها بأمر استقبالي أوضح من أن يخفى، وما ذكره (من عدم تعلق البعث نحو أمر استقبالي، إذ لو فرض حصول مقدماته لما أمكن انبعاثه نحوه بهذا البعث) ففيه ان انبعاث العبد تابع لكيفية البعث فلو بعثه إلى ايجاده فعلا فلا محالة يقع الانبعاث كذلك بعد حصول مبادئ الامتثال في نفسه، (واما) إذا بعثه فعلا إلى أمر استقبالي بمعنى طلب ايجاده في ذلك الوقت فليس له الانبعاث الا في ذلك الوقت لابعده ولا قبله - وعدم انبعاثه حال البعث مع فرض حصول المقدمات للانبعاث غير مضر لان المولى لم يبعثه إلى الايجاد حال البعث حتى يضر تخلفه عن البعث بل في وقت مضروب، واما الوجه في تقديم البعث على وقت المبعوث إليه، فلأجل احتمال حدوث المانع في وقته كما في الأوامر الشخصية واما الخطابات العامة فقد عرفت انه الطريق الوحيد في القوانين الكلية (وهم ودفع) (اما الأول) فهو ما اورده بعض الأعاظم على ما في تقريراته وعليه بنى بطلان
(١٨٤)