فإنه فيه يبقى بحاله إلى أن يرفع المانع، (واما الإرادة التشريعية) فان الشوق المتعلق بفعل الغير إذا بلغ مبلغا ينبعث منه الشوق نحو البعث الفعلي، كان إرادة تشريعية، ومن الواضح ان جعل الداعي ليس ما يوجب الدعوة على أي حال بل جعل ما يمكن أن يكون داعيا عند انقياده، وعليه لا يعقل البعث نحو أمر استقبالي إذ لو فرض حصول جميع مقدماته وانقياد المكلف لأمر المولى لما أمكن انبعاثه نحوه بهذا البعث فليس ما سميناه بعثا في الحقيقة بعثا ولو امكانا (انتهى ملخصا) وفيه (اما أولا) فان مبدئية الشوق للإرادة ليست دائمية وإن كانت غالبية، وقد فصلنا القول وأوضحنا حاله في رسالة الطلب والإرادة، ونزيد هنا بيانا وهو انك ترى بعين الوجدان ان الشخص ربما يريد أمرا لأجل التخويف والايعاد الذي يجره إليه بلا شوق منه إلى العمل، وقد يشرب الدواء البشيع لتشخيص صلاح فيه مع الانزجار الشديد، وربما يترك شرب الماء البارد مع شدة عطشه تسليما لحكم العقل بأنه مضر عند العرق أو لمرض الاستسقاء (أضف إليه) ان القول بان الشوق شيئا فشيئا يصير إرادة (يوهم) خلاف التحقيق، إذ الإرادة فينا ليست شوقا مؤكدا، فان الشوق يشبه أن يكون من مقولة الانفعال، إذا لنفس بعد الجزم بالفائدة تجد في ذاتها ميلا وحبا إليه فلا محالة تنفعل عنه، ولكن الإرادة التي هي عبارة عن اجماع النفس وتجمعها وتصميم الجزم، من صفاتها الفعالة، ولا يعقل ان يصير ما هو من مقولة الانفعال، باعثا وان بلغ ما بلغ في الشدة وثانيا: ان ما ذكره قدس سره من أن حصول الإرادة يستلزم تحريك العضلات دائما (غير تام) إذ الإرادة تتشخص بالمراد الذي هو متعلقها، إذ لا يمكن ان تتحقق الإرادة بلا متعلقها (فح) تعدد المراد في الخارج حقيقة يستلزم تعدد الإرادة، فان الشيئين بنحو الاستقلال لا يعقل ان يتعلق بهما إرادة واحدة بنعت الوحدة كما أن الشئ الواحد لا يمكن ان يتعلق به ارادتان.
مستقلتان، ما لم يتطرق رائحة الكثرة والتعدد في ناحية المراد (وعليه نقول) ان في الافعال الصادرة بمباشرة العضلات مطلوبين مستقلين ومرادين بنحو التعدد لا يختلط ذات أحدهما وارادته بذات الاخر وارادته (أحدهما) هو ايجاد المطلوب الذي هو مراد بالذات و (ثانيهما) هو تحريك العضلات الذي هو مطلوب ومراد بالتبع لأجل التوصل به إلى غيره لا مراد بالذات فان الإرادة عند تمامية مباديها تتعلق بنفس بالذات حصول المراد كرفع العطش أو شرب الماء،