الذهن قهرا من دون أن يكون الوضع منحدرا عليه وقد أشار إلى ما ذكرنا بعض الأجلة دام ظله (وصحة) التركيب ووقوعها مخبرا عنها في قولنا هذا قائم و (هو قائم) واشباههما لا تثبت ما راموه، إذ لا نسلم ان المخبر عنه في هذه الموارد هو مفاد هذه الكلمات بل المشار بها إليه - فترى الفرق بين قولنا زيد قائم وبين هذا قائم أو هو قائم فلفظة زيد في الأول تحكى عن المحكوم عليه حكاية اللفظ عن معناه الموضوع له بخلافهما، فإنها يحضران المحكوم عليه في ذهن السامع كما في الإشارة بالإصبع، من غير أن يكونا موضوعين له ومن دون أن يكون دلالتهما عليه من قبيل حكاية اللفظ عن معناه - نعم يفترق الثاني عن الثالث بالإشارة إلى الحاضر والايماء إلى الغائب ولعله إلى ما ذكرنا ينظر قول ابن مالك في ألفيته:
(بذا لمفرد مذكر أشر * بذى وذه تى تا على الأنثى اقتصر) ولا يشذ عن ذلك لسان الفرس وغيرهم حيث ترى مرادفاتها في تلك الألسنة أيضا كذلك القول في الموصولات الظاهر أنها لا تفترق عن ألفاظ الإشارة وأخواتها في أنها موضوعة لنفس الإشارة إلى المبهم المتعقب بصفة ترفع ابهامه فتفترق عما تقدم بالتفاوت في المشار إليه كما تتفرق أسماء الإشارة (على قولهم) وحروف الإشارة (على المختار) عن ضمائر الغيبة به أيضا نعم هنا احتمال آخر ربما يصعب تصوره ولا يبعدان يكون هو المتبادر منها عند اطلاقها وهو ان يقال: إنها موضوعة لإيجاد الإشارة إلى مبهم يتوقع رفع ابهامه بحيث يكون عملها أمرين أحدهما أصل الإشارة وثانيهما افهام المشار إليه المتوقع للتوصيف فيكون معنى الذي والتي معنى مبهم مشار إليه بايجاد الإشارة إليه فتكون الموصولات متضمنة للمعنى الحرفي وهذا وان يصعب تصوره لكن بعد التصور يسهل تصديقه ويفترق عن أسماء الإشارة (هذا) في غير من وما وأي واما فيها فالظاهر أنها أسماء وضعت لعناوين مبهمة والامر سهل واما ضمائر الخطاب والتكلم فليست للإشارة قطعا متصلها ومنفصلها، بل الثاني موضوع لنفس المتكلم بهويته المعينة، كما أن الأول موضوع للمخاطب بهويته الشخصية ولجميع هذه مرادفات في جميع الألسنة تعطى معناها واما حال الوضع من خصوص الموضوع له أو عمومه فما كان من سنخ المعاني الحرفية،