بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٢ - الصفحة ٣٢٣
قلت: لا يخلو إما أن يكون الامر بغير الأهم، بعد التجاوز عن الامر به وطلبه حقيقة. وإما أن يكون الامر به إرشادا إلى محبوبيته وبقائه على ما هو عليه من المصلحة والغرض لولا المزاحمة، وأن الاتيان به يوجب استحقاق المثوبة فيذهب بها بعض ما استحقه من العقوبة على مخالفة الامر بالأهم، لا أنه أمر مولوي فعلي كالأمر به، فافهم وتأمل جيدا (1).
____________________
ومن الواضح وقوعه في العرفيات فإنه واقع في الأوامر العرفية ان يقول السيد لعبده: افعل هذا، فإن عصيت ولم تفعل فافعل هذا، وقد وقع في الشرع أيضا ومثلوا له بما إذا وجب عليه الخروج من بلده في شهر رمضان لسفر الحج الواجب بحيث يكون أداء الحج موقوفا على السفر في شهر رمضان لحصول الرفقة - مثلا - في ذلك الشهر دون غيره فلم يمتثل امر الخروج وبقى في بلده، فإنه يتوجه اليه الامر بالصوم ما دام في بلده مع أن الامر بالأهم وهو الخروج إلى سفر الحج متوجه، فتوجه التكليفين انما هو على نحو الترتب، فإنه مأمور بالخروج امرا مطلقا وغير مقيد بشيء، ومأمور بالصوم على تقدير عدم الخروج وعدم امتثاله له فهو امر مقيد بعدم امتثال الامر بالخروج، وإذا ثبت وقوع الامرين على نحو الترتب عرفا وشرعا فهو أعظم دليل على امكانه وصحته.
(1) وتوضيحه: انه في الشرع لم يرد الأمران بلسان الترتب، فإنه لم يصلنا على لسان الشارع أنه قال اخرج لسفر الحج في رمضان وان لم تمتثل فصم، وانما هو دعوى ان لازم فتوى المشهور بوجوب الصوم على من لم يخرج هو الأمر على نحو الترتب، وسيأتي التعرض لجوابه.
واما الأوامر العرفية فالجواب عنها: بان غاية ما جاء في العرف هو ظهور كون الامرين مجتمعين على نحو الترتب، والظهور العرفي لا يقاوم البرهان العقلي على محالية الاجتماع بنحو كون الامرين متحققين معا ومولويين، فلابد من تأويل الأوامر العرفية، اما بان يكون مراد الآمر بقوله: افعل هذا فإن لم تفعله في وقت كذا
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 322 323 325 326 327 330 332 ... » »»
الفهرست