بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٧
له، فيكون في مرتبته لا مقدما عليه ولو طبعا (1)، والمانع الذي يكون موقوفا عليه الوجود هو ما كان ينافي ويزاحم المقتضي في تأثيره، لا ما يعاند الشيء ويزاحمه في وجوده.
____________________
(1) وحاصل الجواب ان الوجدان لا يحكم بان التمانع الموجود بين الضدين هو التمانع الذي لازمه ان يكون عدم أحدهما من أجزاء علة الآخر، وانما يحكم الوجدان بان الضدين لا يجتمعان فهما متنافيان ومتعاندان في الاجتماع، وليس كل تناف وتعاند بين شيئين يقتضي ان يكون عدم أحدهما من مقدمات وجود الآخر.
نعم، غاية ما يقتضيه التنافي والتعاند بينهما: هو ان عدم أحدهما الذي هو البديل لوجوده ان يكون مع وجود الضد الآخر ومقارنا له، لا أن يكون من أجزاء علته ليكون له التقدم عليه بالطبع.
وبعبارة أخرى: ان التنافي بينهما يقتضي ان يكون عدم أحدهما مع وجود الآخر فهو مقارن له وفي رتبته، لوضوح ان المتقارنين في التحقق ولا علية لأحدهما بالنسبة إلى الآخر لابد وان يكونا في مرتبة واحدة، لا أن يكون أحدهما متقدما بالطبع على الآخر، والى هذا أشار بقوله: ((الا انه لا يقتضي الا امتناع الاجتماع)) بين الضدين ((وعدم وجود أحدهما الا مع عدم الآخر)): أي لا يقتضي الا ان لا يكون أحد الضدين موجودا إلا وعدم الضد الآخر معه، لأن هذا العدم هو بديل الوجود المعاند لهذا الضد، والمعاندة تقتضي ان يكون متى وجد أحد المعاندين لا يكون المعاند الآخر موجودا معه، وإلا لا تكون معاندة بين وجوديهما، وإذا ارتفع الوجود المعاند لهذا الضد الموجود يحل محله نقيضه وهو عدمه البديل له، إذ لا يعقل ان يرتفع النقيضان فيكون عدم أحد الضدين الذي هو البديل لوجود المعاند مقارنا لوجود ضده ومعه في الوجود وفي مرتبته لا انه من أجزاء علته ومقدما عليه بالطبع، والى هذا أشار بقوله: ((الذي هو بديل وجوده المعاند له فيكون في مرتبته)): أي مقارنا معه ((لا مقدما عليه ولو طبعا)).
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»
الفهرست