بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٢ - الصفحة ١٦٧
لكان قصد الغاية مما لابد منه في وقوعها صحيحة، فان الامر الغيري لا يكاد يمتثل إلا إذا قصد التوصل إلى الغير، حيث لا يكاد يصير داعيا إلا مع هذا القصد (1)، بل في الحقيقة يكون هو الملاك لوقوع المقدمة عبادة،
____________________
والتوصل بها إلى غايتها أم لا يتوقف على ذلك؟ وقد أشار المصنف إلى: انه قد انقدح مما مر انه لا يشترط في وقوعها عبادة وقربية على ذلك بما عرفت من مختاره في دفع الاشكالين المتقدمين: وهو ان هذه الطهارات بنفسها مستحبات نفسية وراجحات عبادية وهي بما هي كذلك مقدمة للواجب النفسي، فحينئذ لا يشترط في وقوعها قربية قصد الغايات: أي قصد كونها مقدمة لغاية من الغايات المتوقفة عليها، ولذا أن من المعروف انه يجوز اتيان الوضوء بقصد الكون على الطهارة ولا يلزم قصد استباحة الصلاة أو مس المصحف الكريم أو غير ذلك من الغايات المتوقفة على الوضوء أو غيره، ولذا قال (قدس سره): ((قد انقدح مما هو التحقيق)) وهو ما أشرنا اليه: من كونها بنفسها مستحبات نفسية وراجحات عبادية وبما هي كذلك مقدمة.
فيتضح من هذا التحقيق ((وجه اعتبار قصد القربة في الطهارات)) وهو قصد رجحانها النفسي وأمرها الذاتي المتعلق بها وهو امر عبادي، فلا تتوقف صحتها بمعنى وقوعها عبادية على قصد التوصل بها إلى غاياتها، بل تتأتى صحتها ولو لم يؤت بها بقصد التوصل بها إلى غاية من غاياتها.
(1) حاصله: انه على ما سلكناه: من كونها بنفسها مستحبات نفسية وراجحات عبادية قد اخذ في نفسها قصد القربة مع الغض عن امرها الغيري لسنا بحاجة إلى تصحيح عباديتها من ناحية امرها الغيري، بخلاف مسلك التقريرات وغيره ممن يظهر منهم حصر طريق عباديتها بقصد امرها الغيري، فعلى مسلكهم هذا لا يعقل صدورها عبادة الا إذا قصد بها امتثال امرها الغيري، وحيث إن الامر الغيري هو المترشح من الواجب النفسي وهو الغاية للامر الغيري، فمعنى قصد الامر الغيري هو
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 166 167 168 169 172 173 175 ... » »»
الفهرست