بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٢ - الصفحة ١٦٨
ولو لم يقصد أمرها، بل ولو لم نقل بتعلق الطلب بها أصلا. وهذا هو السر في اعتبار قصد التوصل في وقوع المقدمة عبادة، لا ما توهم من أن المقدمة إنما تكون مأمورا بها بعنوان المقدمية، فلابد عند إرادة الامتثال بالمقدمة من قصد هذا العنوان، وقصدها كذلك لا يكاد يكون بدون قصد التوصل إلى ذي المقدمة بها، فإنه فاسد جدا، ضرورة أن عنوان
____________________
قصد امتثال هذا الامر المترشح من غايته، ومعنى هذا هو قصد التوصل بهذه المقدمة إلى غايتها.
وبعبارة أخرى: ان اتيان هذه المقدمة بما هي مقدمة لابد فيه من قصد التوصل بهذه المقدمة إلى غايتها وذيها، فما لم يقصد بهذه المقدمة التوصل بها إلى الغاية لا يتأتى قصد امتثال امرها الغيري المتوقف على قصده وقوعها عبادة المتوقف عليه صحتها، فإنها ما لم تقع عبادة لا تقع صحيحة ومقدمة لغايتها لأن المفروض انها حيث تقع عبادية تكون مقدمة لغايتها، فوقوعها صحيحة يتوقف على عباديتها المتوقفة على قصدها الغيري الذي معنى قصد امتثال امرها الغيري هو قصد التوصل بها إلى غاياتها، ولذا نرى بعضهم يحتاط في الوضوء فلا يأتي به مقدمة للصلاة إلا بعد حضور وقت الصلاة وان يقصد به الاستباحة للصلاة، وهو معنى قصد الامر الغيري والتوصل بها إلى غايتها، وهذا ما أشار اليه بقوله: ((لكان قصد الغاية مما لابد منه في وقوعها صحيحة)) لانحصار قربيتها المنوطة بها صحتها بقصده الذي معناه قصد الغاية، وأشار إلى التعليل الذي ذكرناه بقوله: ((فإن الامر الغيري لا يكاد يمتثل الا إذا قصد التوصل إلى الغير حيث لا يكاد يصير)) الامر الغيري ((داعيا الا مع هذا القصد)) لما عرفت: من أن معنى قصد امتثال الامر الغيري وكونه داعيا إلى الاتيان بالمقدمة هو التوصل بها إلى الغاية، فإذا كان هذا هو معنى قصد امتثال الامر الغيري فما لم يقصد التوصل بها لا يعقل ان يكون المحرك والداعي هو قصد امتثال الامر الغيري.
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 166 167 168 169 172 173 175 176 ... » »»
الفهرست