في فساد العمل ولو لم يكن في البين نهي.
مدفوع بأن الغرض من البحث اثبات الفساد اجتهاديا بحيث لو قام دليل على الصحة يصلح المنهي المزبور للمعارضة، وأصالة عدم المشروعية لا يفي [بذلك] كما هو ظاهر.
وحيث اتضحت هذه الجهات نقول:
إن النهي تارة في العبادات وأخرى في المعاملات بالمعنى الأعم، وثالثة في المعاملات بالمعنى الأخص.
أما العبادات فتارة يتعلق النهي بنفس العنوان، وأخرى [يتعلق] بجزئه، وثالثة بشرطه، ورابعة بوصفه الملازم.
فإن تعلق النهي بنفس العنوان فلا شبهة في أن طبع النهي يقتضي المولوية النفسية، ولازمه اقتضاؤه كون العنوان مما احتيج إلى عدمه، ولازمه استحالة الاحتياج إلى وجوده بنفسه، فيستحيل حينئذ كون العنوان المزبور مصلحة ومفسدة ملازمة لمحبوبيته نفسا ومبغوضيته كذلك، فقهرا يقتضي مثل هذا النهي فساد متعلقه، فيتعارض مع الامر المقتضي لصحته.
وربما ينتهي أمرهما إلى التساقط وأصالة عدم المشروعية.
ولكن غلبة كون الأمر أو النهي في الشريعة بحسب لب المحبوبية والمبغوضية غيرية وإنما نفسيتها كانت في مرحلة التحميل على العبادة [تمنع] عن الحمل على هذا الظهور، وحينئذ لا يقتضي النهي المزبور إلا وجود مفسدة فيه لا أن المتعلق بنفسه مفسدة، وهذا المقدار لا يقتضي منع المصلحة في المتعلق. وعليه لا مقتضي لطبع هذا النهي في الفساد (1)، بل لو كان متعلق الأمر والنهي [عنوانين متغايرين مجتمعين] في واحد، طبع واطلاق خطابي الأمر والنهي يقتضي إدخاله في باب التزاحم.