الأبيض المنتزع عن نفس البياض أيضا كذلك.
ولكن يمكن أن يقال بأنه: كما يصح انتزاع المفاهيم المختلفة عنه تعالى مع الجزم بعدم تعدد جهة في ذاته المقدسة صح أيضا انتزاع ذات متجلي بهذه الصفات، وان وجه انتزاع هذه المختلفات مفهوما انما هو وفور وجوده بنحو لا يحيط النظر بكنهه. فقهرا قصور النظر إلى [حقيقته] أوجب اتخاذ مفاهيم مختلفة من جلوات وجوده. فمن كل جلوة ينال النظر إلى مفهوم دون مفهوم مع وحدة المنشأ حقيقة وحيثية وجهة بحيث لا يكون في الحقيقة ذات مغاير مع صفة دون صفة، ولذا كان كمال التوحيد نفي الصفات عنه.
ولكن مع ذلك لا ينافي ذلك مع اتخاذ النظر القاصر من كل جلوة لهذا الوجود البحت البسيط على الاطلاق مفهوما غير مفهوم آخر.
وحينئذ فلا غرو في دعوى كون الصفات الجارية على ذاته المقدسة أيضا حاكية عن ذات [متجلية] بمبدأ دون مبدأ، وان الصفات الجارية عليه تعالى في عالم المفهوم [عين] الصفات الجارية على الممكن كما هو الشأن أيضا في الأبيض الجاري على نفس البياض أو ماله البياض، غاية الأمر أن تجلي الذات بجلوات صفاته في الواجب ذاتي وبعين ذاته وبوفور وجوده وفي الممكن عرضي بنحو يكون جلوات ذاته بصفات زائدة عن الذات لقصور ذاته وعدم وفوره. ولكن هذا المقدار لا يوجب فرقا في عالم المفهوم المتقوم بصرف اختلاف الأنظار.
وعليه فلا مجال للالتزام بمغايرة مفاهيم صفات الممكن والواجب بخلع صفات الواجب عن الذات أو بجعل مداليل الصفات طرا حتى في الممكنات عبارة عن صرف المبدأ لا بشرط مع تجريد الذهن عن تصور الذات معها رأسا كي يرد عليه النقوض السابقة كما لا يخفى.
بقي هنا شئ توضيحا للمرام وتنقيحا للمقام وهو: إن لقائل أن يقول:
إن الذات الملحوظ في الذهن متصلا بالوصف القائم به: