مقالات الأصول - آقا ضياء العراقي - ج ١ - الصفحة ٢٠٦
استعمال سائر الألفاظ في معانيها، وحينئذ لا يكشف ذلك عن كون الأمر بحقيقته عبارة عن الطلب الانشائي، لدلالة الوجدان على كون اللفظ مستعملا في معناه الحقيقي مع عدم وجود طلب حقيقي في البين أصلا، وذلك لما عرفت بان استعمال اللفظ في مفهومه لا يقتضي وجود منشأ انتزاع المفهوم خارجا كما لا يخفى.
ثم لا اشكال في صدق الأمر بابراز الطلب بصيغة أخرى. وفي صدقه بابراز الطلب بهذه المادة اشكال.
ووجه الإشكال: ان مفهوم هذه المادة بعدما كان منتزعا عن ابراز الطلب فقهرا يكون هذا المفهوم في عالم التصور حاكيا [عن] الابراز، [فتكون] هذه المادة [بمفهومها] بمنزلة الطريق إلى الابراز. [فكيف] يمكن أن يصير واسطة لثبوته؟ إذ مرجع الطريقية إلى كونه من وسائط اثباته بحيث يرى المحكي عنه مفروغ الثبوت. وفي هذا النظر يستحيل توجه النظر إلى اثباته بنفس هذه المادة المستعملة في معناه.
وحينئذ لا محيص عند إرادة إظهار الطلب بهذه المادة من تجريد المعنى عن قيد إظهاره فيراد منه حينئذ صرف الطلب كي يرد عليه إظهاره بهذه المادة.
ولازم ذلك كون مادة الأمر في مقام انشائه وابراز الإرادة به مستعملا في نفس الطلب لا في الطلب المظهر، وانما أريد منه هذا المعنى عند اخباره بهذه المادة عن إظهار طلبه بصيغة أخرى لا بهذه المادة، كما لا يخفى (1).

(1) حاصل الاشكال ووجهه: اننا بعد أن افترضنا ان معنى مادة الامر هو ابراز الطلب، تكون مادة الامر حاكيه وداله على هذا الابراز، فلو قال المولى: (آمرك بالصلاة) يكون قوله: آمرك:
كاشفا عن ابراز الطلب بالصلاة اي واسطة في الاثبات للابراز، وعلى هذا فلا يجتمع مع كون نفس هذا الكلام - وهو: آمرك - ابرازا، أو قل واسطة في الثبوت; لان كونه واسطة في الاثبات أو كاشفا يعني ان هناك ابرازا للطلب متحققا كشف عنه قوله: آمرك، وهذا لا يجتمع مع كونه بنفسه ابرازا للطلب وواسطة في تحقق الطلب المبرز وثبوته. وعلى هذا: فإذا أريد ابراز الطلب بنفس المادة كما في آمرك بالصلاة لابد ان تستعمل المادة في خصوص الطلب مجردا عن الابراز، ونتيجة ذلك أن المادة متى استعملت في الاخبار عن الطلب بصيغة أخرى كانت دالة على الطلب المبرز كما في قوله: امرتك بالصلاة البارحة، ومتى استعملت في انشاء الطلب كانت دالة على صرف الطلب لا الطلب المبرز.
(٢٠٦)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، التصديق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 203 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست