الطبيعة في الخارج إلا عين مفاد وجوب الفرد، إذ لا يتصف الطبيعة من حيث هي بالوجوب كما عرفت وإنما تتصف به من حيث الوجود وهو عين الفرد، إلا أن كلا من الاعتبارين في لحاظ العقل غير الآخر، وإسناد الوجوب إلى الثاني معلل بإسناده إلى الأول.
خامسها: أن إيجاد الطبيعة يتوقف على إيجاد الخصوصية، فلو لم نقل بكون خصوصية العوارض اللاحقة متحدة مع الطبيعة بحسب الوجود بل مغايرة لها في الوجود عند التدقيق فلا ريب في توقف حصول الماهية في الخارج على انضمامها إليها، فإذا كانت تلك الخصوصيات مقدمة لحصول الواجب كانت واجبة، لما تقرر من وجوب مقدمة الواجب حينئذ، فيكون وجوب الطبيعة مقدمة لثبوت الوجوب للخصوصية وعلة مقتضية له، كما أن وجود الخصوصية مقدمة لوجود الطبيعة، والمفروض أن تلك الخصوصية محرمة، إذ مفاد النهي عن الشئ تحريم جزئياته المندرجة تحته، فيلزم اجتماع الوجوب والتحريم في شئ واحد شخصي، غاية الأمر أن يكون الوجوب غيريا تخييريا والتحريم نفسيا تعيينيا. وقد يورد عليه بوجوه:
أحدها: أن وجوب المقدمة - حسب ما ذكر - غيري تبعي ولا مانع من اجتماع الوجوب الغيري مع الحرمة العينية، إذ المقصود من إيجاب المقدمة هو الإيصال إلى ذيها وهو حاصل بالحرام أيضا.
ويدفعه: ما عرفت من عدم الفرق بين ذلك وغيره من أقسام الوجوب وإن السبب القاضي بامتناع الاجتماع في غيره قاض بذلك بالنسبة إليه أيضا.
ثانيها: أن القدر المسلم هو وجوب المقدمة الجائزة، وأما المقدمة المحرمة فليست بواجبة وإنما هي مسقطة للواجب لحصول الغرض بها، كما في قطع المسافة إلى الحج على الوجه المحرم، فلا تكون تلك الخصوصية المحرمة واجبة.
وفيه: أنه إذا لم تكن تلك الخصوصية واجبة أصلا لم يعقل تعلق الوجوب بالطبيعة الحاصلة بها، فإن تلك الخصوصيات وإن كانت خارجة عن نفس الماهية