ويمكن دفع الجميع:
أما الأول: فبعد اختيار أن المراد بالكون هو الحركة والسكون بأن مقصود المولى من الأمر بالخياطة هو الخياطة الحاصلة بالمصدر لا نفس الحركات المعينة، ولو فرض تعلق الأمر صورة بنفس الحركات فليست مقصودة إلا من باب المقدمة، وليس المأمور به على الحقيقة إلا تحصيل الخياطة بالمعنى الأول كما هو ظاهر من ملاحظة المقام.
ومن البين: أن الحركات المخصوصة ليست داخلة في حقيقتها بخلاف الصلاة.
وأما الثاني: فبالمنع من اجتماع الأمر والنهي هنا في المقدمة بل ليست المقدمة في المقام إلا محرمة.
غاية الأمر: أنه يحصل به التوصل إلى الواجب فيسقط به ما هو الواجب من مقدمته المحللة كما هو الحال في ركوب الدابة المغصوبة إلى الحج فتأمل.
وأما الثالث: فبجريان الكلام المذكور بعينه بالنسبة إلى المثال المفروض أيضا، فإن الدخول والكون المطلق من مقدمات المشي لا نفسه، لوضوح كون الحركة في المكان مغايرة للكون فيه، وإنما المثال الموافق في المقام أن يفرض أمر السيد بمشي خمسين خطوة ونهيه عن المشي في دار مخصوصة فاتفق مشي خمسين خطوة هناك، وكذا لو أمره بخياطة الثوب المعلوم ونهاه عن الخياطة في بيت معلوم فأتى بخياطة الثوب المعين في ذلك المكان.
ومن البين: أنه لا يعد مطيعا بأداء المأمور به على الوجه المذكور ولا أقل من منع ما ادعوه من الحكم بحصول الإطاعة لو لم نقل بثبوت خلافه.
قوله: * (سلمنا لكن نمنع... الخ) *.
قد يقال: بأنا نقطع بأن العبد إنما يستحق العقوبة لمخالفة النهي لا لمخالفة الأمر، إذ مع إتيانه بالخياطة لا وجه لعقوبته على تركها، ولو عاقبه المولى على ذلك لذمه العقلاء وعد سخيفا، فهو شاهد على حصول الإطاعة من الجهة