وحرمة المعلول الآخر مستلزما لحرمة علته فيلزم المحذور المذكور بالنسبة إلى تلك العلة.
فإن قلت: إنا نقول حينئذ بوجوب الطبيعة دون علتها المحرمة وإنما الواجب الإتيان بغيرها من عللها السابقة، فغاية الأمر أن يكون الإتيان بالمحرمة مسقطا لما هو الواجب.
قلت: إن حصول الطبيعة بالخصوصية المفروضة غير حصولها بخصوصية أخرى، فإن تلك الخصوصيات جهات مكثرة للموضوع فإن كانت الطبيعة مطلوبة على إطلاقها من غير أن يقيد بغير النحو المفروض لزم وجوب الحصة الحاصلة بالخصوصية المفروضة، فيلزم أن يكون تلك الخصوصية واجبة أيضا، وإن قيل بتقييد الطبيعة المطلوبة بغير تلك الصورة لم يكن الإتيان بها واجبا كما هو المدعى.
سادسها: أنه لا ريب في كون الوجوب والتحريم ضدين لا يجوز قيامهما بشئ واحد، وغاية ما يلزم من التقرير المذكور تغاير الطبيعتين المفروضتين بحسب الوجود لكنهما قائمان بمحل واحد، إذ المفروض كونهما خلافين لا ضدين، فيلزم أيضا قيام الضدين بالمحل المفروض بتوسط الخلافين القائمين به.
ويدفعه: أنه إن كان الخلافان واسطتين في ثبوت الضدين للمحل المفروض كان الحال على ما ذكر، وأما إن كانا واسطتين في عروضهما فلا مانع منه كما في قيام الحسن والقبح المتقابلين بالفعلين القائمين بالفاعل.
قوله: * (وقد اختار المكلف جمعهما... الخ) *.
الظاهر أنه أراد بجمعهما في الوجود إيجادهما بوجود واحد حسب ما ذكر في التقرير الأول. فالمراد بقوله: وذلك لا يخرجهما عن حقيقتهما... الخ أن الاتحاد في الوجود لا يقضي باتحاد الطبيعتين، لوضوح أن الطبيعتين بما هما طبيعتان شيئان لا اتحاد بينهما في لحاظ الطبيعة، والمفروض أن هذه الجهة هي جهة تعلق الأمر والنهي فإنهما إنما يتعلقان بالطبائع من حيث هي، وربما يحمل كلامه على التقرير الثاني فيكون المراد بجمعهما في الوجود هو الاقتران بينهما في