إلى الطبيعة والخصوصية -، بل قد يكون الشئ بملاحظة بعض عناوينه مباحا أو مكروها - مثلا - ويكون بملاحظة عنوان آخر واجبا، فحينئذ لا يصح القول بإباحته في الواقع، لوضوح غلبة جهة الوجوب على جهة الإباحة، فيتصف الفعل بالوجوب بحسب الواقع كما هو الحال في جميع الواجبات لعدم وجوبها بجميع العناوين الصادقة عليها وهو ظاهر.
والحاصل: أنه لا مجال للقول بكون الإتيان بالفرد إتيانا بالمقدمة الموصلة إلى الواجب لا أداءا لنفس الواجب، بل ليس إتيانا بعين الواجب لكن بملاحظة كونه الطبيعة المأمور بها، كيف! ولولا ذلك لما كان الصادر عن المكلفين إلا المقدمات دون نفس الواجبات، إذ ليس الحاصل منهم في الخارج إلا الأفراد.
وهو واضح الفساد. وحينئذ فتسليم حرمة الفرد في المقام والحكم بعدم وجوبه مع الحكم بأداء الطبيعة الواجبة واتصافها بالوجوب كما ترى.
ومن العجيب! ما ذكره الفاضل المذكور في المقام حيث قال: قلت كاشفا للحجاب عن وجه المطلوب ورافعا للنقاب عن السر المحجوب: إنه لا استحالة في أن يقول الحكيم: هذه الطبيعة مطلوبتي ولا أرضي إيجادها في ضمن هذا الفرد لكن لو عصيتني وأوجدتها فيه أعاقبك لما خالفتني في كيفية الإيجاد لا لأ نك لم توجد مطلوبي، لأن ذلك الأمر المنهي عنه خارج عن العبادة، فهذا معنى مطلوبية الطبيعة الحاصلة في ضمن هذا الفرد لا أنها مطلوبة مع كونها في ضمن الفرد. فقد أسفر الصبح وارتفع الظلام فإلى كم قلت وقلت ومن ذلك يظهر الجواب عن الإشكال في نية التقرب، لأن قصد التقرب إنما هو الإتيان بالطبيعة لا بشرط الحاصلة في ضمن هذا الفرد الخاص، لا بإتيانه في ضمن هذا الفرد الخاص المنهي عنه انتهى كلامه رفع مقامه.
فإنه بعد تسليم كون إيجاد الطبيعة في ضمن الفرد المفروض عصيانا باعثا على استحقاق العقاب لا يعقل القول بكون الطبيعة الحاصلة في ضمنه مطلوبة للآمر مرادة له، فإنه إن كان إيجاد تلك الطبيعة بأي إيجاد كان مطلوبا له لم يتصور