إلا بالإتيان به (1) على النحو المذكور، وأين ذلك من الاقتصار على القدر المعلوم اعتباره في الصلاة؟ وجواز الاقتصار على القدر المعلوم في الأمثلة المذكورة إنما هو لكون التكليف بكل منها مستقلا، فينحل الأمر المذكور إلى أوامر يحصل الامتثال في كل منها بجنسه من غير ارتباط بينها في الامتثال، ولذا يكتفي بالقدر المعلوم من غير حاجة إلى مراعاة الاحتياط حسب ما مر تفصيل القول فيه.
وأما التاسع: فبأن غاية ما يفهمه أهل العرف في المقام هو المعاني الإجمالية وأما التفصيل وتعيين الأجزاء والشرائط بالخصوص فيرجع فيه أهل العرف إلى الفقهاء وحملة الشرع.
فإن قلت: أي فرق بين هذه الألفاظ وغيرها حيث يصح الرجوع في تعيين معاني سائر الألفاظ إلى العرف ولا يصح في المقام.
قلت: إنما يرجع إلى العرف في تعيين المفهوم الذي وضع اللفظ بإزائه دون تعيين مصاديقه، بل لا بد هناك من مراعاة العلم باندراجه في مسمى اللفظ، سواء حصل ذلك من الرجوع إلى العرف أو الحس أو العقل، فاللازم من الدليل المذكور صحة الرجوع إلى العرف في معرفة مسمى الألفاظ المذكورة في الجملة وهو كذلك، ولذا رجعوا في كونها موضوعة بإزاء الصحيحة أو الأعم منها إلى العرف.
وأما تمييز أجزاء المعنى وشرائطه على التفصيل فليس مأخوذا في وضع اللفظ حتى يرجع فيه إلى العرف - حسب ما فصل في محله - فلا بد من تمييزه بمقتضى الأدلة القائمة، وهو مما يختلف باختلاف الأوضاع والأحوال. ألا ترى أن الصلاة الصحيحة أيضا من الألفاظ المستعملة في العرف ولا يمكن الرجوع في تفاصيله إلى العرف، وإنما يرجع إليه في كونه العبادة المخصوصة المبرئة للذمة، ويختلف أجزاؤه وشرائطه بحسب اختلاف المقامات على نحو ما قامت عليه الأدلة